تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٣٧١
المعارف الأصلية والأحكام الشرعية من فرائض وسنن وحلال وحرام.
قوله تعالى: (ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر) الآية، قال في المجمع: المغرم الغرم وهو نزول نائبة بالمال من غير خيانة، وأصله لزوم الامر، ومنه قوله: إن عذابها كان غراما، وحب غرام أي لازم، والغريم يقال لكل واحد من المتداينين للزوم أحدهما الاخر وغرمته كذا أي ألزمته إياه في ماله، انتهى.
والدائرة الحادثة وتغلب في الحوادث السوء كأن الحوادث السوء تدور بين الناس فتنزل كل يوم بقوم فتربص الدوائر بالمؤمنين انتظار نزول الحوادث السوء عليهم للتخلص من سلطتهم والرجوع إلى رسوم الشرك والضلال.
وقوله: (يتخذ ما ينفق مغرما) أي يفرض الانفاق غرما أو المال الذي ينفقه مغرما - على أن يكون ما مصدرية أو موصولة - والمراد الانفاق في الجهاد أو أي سبيل من سبل الخير على ما قيل، ويمكن ان يكون المراد الانفاق في خصوص الصدقات ليكون الكلام كالتوطئة لما سيجئ بعد عدة آيات من حكم أخذ الصدقة من أموالهم، ويؤيده ما في الآية التالية من قوله: (ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول) فإنه كالتوطئة لقوله في آية الصدقة: (وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم).
فمعنى الآية: ومن سكان البادية من يفرض الانفاق في سبيل الخير أو في خصوص الصدقات غرما وخسارة وينتظر نزول الحوادث السيئة بكم، عليهم دائرة السوء - قضاء منه تعالى أو دعاء عليهم - والله سميع للأقوال عليم بالقلوب.
قوله تعالى: (ومن الاعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول) الخ، الظاهر أن قوله: (صلوات الرسول) عطف على قوله: (ما ينفق) وأن الضمير في قوله: (ألا أنها قربة) عائد إلى ما ينفق وصلوات الرسول.
ومعنى الآية ومن الاعراب من يؤمن بالله فيوحده من غير شرك ويؤمن باليوم الاخر فيصدق الحساب الجزاء ويتخذ إنفاق المال لله وما يتبعه من صلوات الرسول ودعواته بالخير والبركة، كل ذلك قربات عند الله وتقربات منه إليه ألا إن هذا الانفاق وصلوات الرسول قربة لهم، والله يعدهم بأنه سيدخلهم في رحمته لأنه غفور للذنوب رحيم بالمؤمنين به والمطيعين له.
(٣٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 ... » »»
الفهرست