تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢١٦
هاجر إلى الحبشة قبل هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم رجع إلى المدينة أيام فتح خيبر وقد استشهد حمزة قبل ذلك بمدة فلو كان من الخمسة اجتماع على التفاخر فقد كان قبل الهجرة النبوية وحينئذ فما معنى ما وقع في الرواية: (وكان على وحمزة وجعفر هم الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وجاهدوا في سبيل الله)؟
وإن كان المراد بالنزول فيهم انطباق الآية عليهم على سبيل الجرى فقد كان العباس مثلهم فإنه آمن يوم أسر ببدر ثم حضر بعض غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي تفسير البرهان عن الجمع بين الصحاح الستة للعبدى في الجزء الثاني من صحيح النسائي بإسناده قال: افتخر طلحة بن شيبة من بنى عبد الدار والعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب فقال طلحة: بيدي مفتاح البيت ولو أشاء بت فيه، وقال العباس:
أنا صاحب السقاية والقائم عليها ولو أشاء بت في المسجد، وقال على: ما أدرى ما تقولان؟ لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله:
(أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام) الآية.
أقول: المراد بالصلاة ستة أشهر قبل الناس التقدم في الايمان بالله على ما تعرضت له الآية وإلا كان من الواجب أن تذكر في الآية، وقد ذكر ثالث القوم طلحة بن شيبة، وقد تقدم في بعضها أنه شيبة، وفي بعضها أنه عثمان بن أبي شيبة.
وفي تفسير البرهان عن ابن شهرآشوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الايمان) قال: الايمان ولاية على بن أبي طالب.
أقول: هو من باطن القرآن مبنى على تحليل معنى الايمان إلى مراتب كماله.
وفي تفسير القمي: لما أذن أمير المؤمنين ان لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد ذلك جزعت قريش جزعا شديدا، وقالوا: ذهبت تجارتنا وضاعت عيالنا وخربت دورنا فأنزل الله في ذلك: (قل - يا محمد - إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم - إلى قوله - والله لا يهدى القوم الفاسقين).
أقول: وعلى هذا كان من الجرى أن يفسر قوله في الآية: (حتى يأتي الله بأمره) بتدارك ما ينزل بهم من الكساد وفتح باب الرزق عليهم من وجه آخر كما
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست