تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢١٤
وحاشا ان يكون الآتي بأعمال البر عند الله من القوم الظالمين المحرومين عن نعمة الهداية الإلهية.
حتى لو فرض ان المراد بالظالمين أولئك المسوون أو المفضلون من المؤمنين للسقاية والعمارة على الجهاد فإن المؤمن على ايمانه إذا حكم بمثل هذا الحكم فإنما هو خاط يهتدى إذا دل على الصواب لا ظالم محروم من الهداية فافهم ذلك.
وثالثا: ما تقدم من أن قوله: (كمن آمن بالله) الآية وقوله: (لا يستوون) الآية دليل على أن للشخص دخلا فيما تتضمن الآيات من الحكم.
والتدبر في الآيات الكريمة والتأمل فيما ذكرناه هنا وهناك يوضح للباحث الناقد ان أضعف الروايات وأبعدها من الانطباق على مضمون الآيات هي رواية النعمان بن بشير فإنها لا تقبل الانطباق على الآيات الكريمة بما فيها من القيود المأخوذة.
ويليها في الضعف رواية ابن سيرين وما في معناها من الروايات فإن ظاهرها ان العباس إنما دعى إلى الهجرة وهو مسلم فافتخر بالسقاية والحجابة والآيات لا تساعد على ذلك كما مر.
على أن الواقع في رواية ابن سيرين ذكر العباس للسقاية وحجابة البيت ولم يكن له حجابة إنما هي السقاية.
ويليها في الضعف رواية ابن عباس فظاهرها ان المقايسة إنما كانت بين الأعمال فقط والآية لا تساعد على ذلك.
على أن فيها ان العباس ذكر فيما ذكر سقاية الحاج وعمارة المسجد وفك العاني وهو الأسير. ولو كان لذكر في الآية، وقد وقع في رواية ابن جرير وأبى الشيخ عن الضحاك في هذا المعنى قال: اقبل المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسروا يوم بدر يعيرونهم بالشرك. فقال العباس: أما والله لقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونفك العاني، ونحجب البيت ونسقى الحاج فأنزل الله: (أجعلتم سقاية الحاج) الآية، والكلام في فك العاني وحجابة البيت الواقعين فيها كالكلام في سابقها.
فأسلم الروايات في الباب وأقربها إلى الانطباق على الآيات مضمونا رواية القرظي وما في معناها كرواية الحاكم في المستدرك ورواية عبد الرزاق عن الحسن ورواية أبى
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست