تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٢١
والرجاء، ويربيهم تربية حسنة تعدهم وتهيأهم للسعادة الواقعية.
وقد اغرب بعض المفسرين في تفسير الآية مستظهرا بما جمع به بين الروايات على اختلافها فأصر على ما ملخصه ان المسلمين لم يفروا على جبن، وإنما انكشفوا عن موضعهم لما فاجأهم من شد كتائب ثقيف وهوازن عليهم شد رجل واحد فاضطربوا اضطرابة زلزلتهم وكشفتهم عن موضعهم دفعة واحدة وهذا أمر طبيعي في الانسان إذا فاجأه الخطر ودهمته بلية دفعة ومن غير مهل اضطربت نفسه وخلى عن موضعه.
ويشهد به نزول السكينة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم جميعا فقد كان الاضطراب شمله وإياهم جميعا، غير أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصابه ما أصابه من الاضطراب والقلق حزنا وأسفا مما وقع، والمسلمون شملهم ذلك لما فوجئوا به من حملة الكتائب حملة رجل واحد.
ومن الشواهد انهم بمجرد ما سمعوا نداء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ونداء العباس بن عبد المطلب رجعوا من فورهم وهزموا الكفار بالسكينة النازلة عليهم من عند الله تعالى.
ثم ذكر ما نزل من الآيات في صفة الصحابة كاية بيعة الرضوان، وقوله تعالى:
(محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار) الآية، وقوله: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة) الآية، وما ورد من طريق الرواية في مدح صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. انتهى.
والذي اورده من الخلط بين البحث التفسيري الذي لا هم له إلا الكشف عما يدل عليه الآيات الكريمة، وبين البحث الكلامي الذي يرام به إثبات ما يدعيه المتكلم في شئ من المذاهب من أي طريق أمكن من عقل أو كتاب أو سنة أو إجماع أو المختلط منها والبحث التفسيري لا يبيح لباحثه شيئا من ذلك، ولا تحميل أي نظر من الانظار العلمية على الكتاب الذي أنزله الله تبيانا.
أما قوله: إنهم لم يفروا جبنا ولا خذلانا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما كان انكشافا لأمر فاجأهم فاضطربوا وزلزلوا ففروا ثم كروا فهذا مما لا يندفع به صريح قوله تعالى:
(ثم وليتم مدبرين) مع اندراج هذا الفعل منهم تحت كلية قوله تعالى في آية تحريم الفرار من الزحف: (فلا تولوهم الادبار ومن يولهم يومئذ دبره - إلى أن قال - فقد باء بغضب من الله) الآية.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست