تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٢٢٤
وأيده بجنود لم تروها) التوبة: 40 وقال تعالى في المؤمنين (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم) الفتح: 18 فذكر انه إنما أنزل السكينة عليهم لما علمه من قلوبهم فنزولها يحتاج إلى حالة قلبية طاهرة سابقة يدل السياق على انها الصدق ونزاهة القلب عن ابطان نية الخلاف.
وقال أيضا: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض) الفتح: 4 فذكر ان من اثرها زيادة الايمان مع الايمان وقال أيضا: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) الفتح: 26، والآية - كما ترى - تذكر ان نزول السكينة من عنده تعالى مسبوق باستعداد سابق وأهلية وأحقية قبلية وهو الذي أشير إليه في الآية السابقة بقوله: (فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة). وتذكر أن من آثارها لزوم كلمة التقوى، وطهارة ساحة الانسان عن مخالفة الله ورسوله باقتراف المحارم وورود المعاصي.
وهذا كالمفسر يفسر قوله في الآية الأخرى: (ليزدادوا إيمانا مع ايمانهم) فازدياد الايمان مع الايمان بنزول السكينة هو ان يكون الانسان على وقاية إلهية من اقتراف المعاصي وهتك المحارم مع ايمان صادق بأصل الدعوة الحقة.
وهذا نعم الشاهد يشهد أولا: ان المراد بالمؤمنين في قوله في الآية المبحوث عنها (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) غير المنافقين وغير مرضى القلوب وضعفاء الايمان، ولا يبقى إلا من ثبت من المؤمنين مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهم ثلاثة أو أربعة أو تسعة أو عشرة أو ثمانون أو دون المائة على اختلاف الروايات في احصائهم، ومن فر وانكشف عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أولا ثم رجع وقاتل ثانيا وفيهم جل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعدة من خواصهم.
فهل المراد بالمؤمنين الذين نزلت عليهم، جميع من ثبت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن فر أولا ثم رجع ثانيا، أو انهم هم الذين ثبتوا معه من المؤمنين حتى نزل النصر؟
الذي يستفاد من آيات السكينة ان نزولها متوقف على طهارة قلبيه وصفاء نفسي سابق حتى يقرها الله تعالى بالسكينة، وهؤلاء كانوا مقترفين لكبيرة الفرار من الزحف
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»
الفهرست