تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١٥٩
في الحقوق التي يعتبرها الاسلام في المجتمع الاسلامي: لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين.
وقد عبر في الآية عن ذلك بالاخوة في الدين، وقال في موضع آخر: (انما المؤمنون إخوة) الحجرات: 10 اعتبارا بما بينهم من التساوي في الحقوق الدينية فان الأخوين شقيقان اشتقا من مادة واحدة وهما لذلك متساويان في الشؤون الراجعة إلى ذلك في مجتمع المنزل عند والدهما الذي هو رب البيت، وفي مجتمع القرابة عند الاقرباء والعشيرة.
بيان وإذ كان لهذا المعنى المسمى بلسان الدين أخوة أحكام وآثار شرعية اعتنى بها قانون الاسلام فهو اعتبار حقيقة لنوع من الاخوة بين افراد المجتمع الاسلامي لها آثار مترتبة كما أن الاخوة الطبيعية فيما اعتبرها الاسلام لها آثار مترتبة عقلائية ودينية وليست تسمية ذلك أخوة مجرد استعارة لفظية عن عناية مجازية، وفيما نقل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
قوله (المؤمنون إخوة يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد واحدة على من سواهم.
وقوله: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم) الآية يدل السياق أنهم غير المشركين الذين أمر الله سبحانه في الآية السابقة بنقض عهدهم وذكر انهم هم المعتدون لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة فإنهم ناكثون للايمان ناقضون للعهد، فلا يستقيم فيهم الاشتراط الذي ذكره الله سبحانه بقوله: (وإن نكثوا أيمانهم) الآية.
فهؤلاء قوم آخرون لهم مع ولى الامر من المسلمين عهود وأيمان ينكثون أيمانهم من بعد عهدهم، أي ينقضون عهودهم من بعد عقدها فامر الله سبحانه بقتالهم وألغى أيمانهم وسماهم أئمة الكفر لانهم السابقون في الكفر بآيات الله يتبعهم غيرهم ممن يليهم، يقاتلون جميعا لعلهم ينتهون عن نكث الايمان ونقض العهود.
قوله تعالى: (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول) الآية وما بعدها إلى تمام أربع آيات تحريض للمؤمنين وتهييج لهم على قتال المشركين ببيان ما أجرموا به في جنب الله وخانوا به الحق والحقيقة، وعد خطاياهم وطغياناتهم من نكث الايمان والهم بإخراج الرسول والبدء بالقتال أول مرة.
ثم بتعريف المؤمنين أن لازم إيمانهم بالله الذي يملك كل خير وشر ونفع وضر
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»
الفهرست