تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١٤٨
الفناء مع ما في قوله: (واعلموا أنكم غير معجزى الله وأن الله مخزي الكافرين) من إعلامهم ان الأصلح بحالهم رفض الشرك، والاقبال إلى دين التوحيد، وموعظتهم ان لا يهلكوا أنفسهم بالاستكبار والتعرض للخزي الإلهي.
وقد وجه في الآية الخطاب إليهم بالالتفات من الغيبة إلى الخطاب لما في توجيه الخطاب القاطع والإرادة الجازمة إلى الخصم من الدلالة على بسط الاستيلاء والظهور عليه واستذلاله واستحقار ما عنده من قوة وشدة.
وقد اختلفت أقوال المفسرين في المراد بقوله: (أربعة أشهر) والذي يدل عليه السياق ويؤيده اعتبار إصدار الحكم وضرب الاجل ليكونوا في فسخة لاختيار ما وجدوه من الحياة أو الموت أنفع بحالهم: ان تبتدئ الأربعة الأشهر من يوم الحج الأكبر الذي يذكره الله تعالى في الآية التالية فإن يوم الحج الأكبر هو يوم الابلاغ والايذان والأنسب بضرب الاجل الذي فيه نوع من التوسعة للمحكوم عليهم وإتمام الحجة، أن تبتدئ من حين الاعلام والايذان.
وقد اتفقت كلمة أهل النقل أن الآيات نزلت سنة تسع من الهجرة فإذا فرض ان يوم الحج الأكبر هو يوم النحر العاشر من ذي الحجة كانت الأربعة الأشهر هي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وربيع الأول وعشرة أيام من ربيع الاخر.
وعند قوم ان الأربعة الأشهر تبتدئ من يوم العشرين من ذي القعدة وهو يوم الحج الأكبر عندهم فالأربعة الأشهر هي عشرة أيام من ذي القعدة وذو الحجة والمحرم وصفر وعشرون من ربيع الأول، وسيأتى ما فيه.
وذكر آخرون: ان الآيات نزلت أول شوال سنة تسع من الهجرة فتكون الأربعة الأشهر هي شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم فتنقضي بانقضاء الأشهر الحرم، وقد حداهم إلى ذلك القول بأن المراد بقوله تعالى فيما سيأتي: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا) الأشهر الحرم المعروفة: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم فيوافي انسلاخ الأشهر الحرم انقضاء الأربعة الأشهر، وهذا قول بعيد عن الصواب لا يساعد عليه السياق وقرينة المقام كما عرفت.
قوله تعالى: (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»
الفهرست