تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١٤٦
(بيان) الآيات مفتتح قبيل من الآيات سموها سورة التوبة أو سورة البراءة، وقد اختلفوا في كونها سورة مستقلة أو جزء من سورة الأنفال، واختلاف المفسرين في ذلك ينتهى إلى اختلاف الصحابة ثم التابعين فيه، وقد اختلف في ذلك الحديث عن أئمة أهل البيت (ع) غير أن الارجح بحسب الصناعة ما يدل من حديثهم على انها ملحقة بسورة الأنفال.
والبحث عن معاني آياتها وما اشتملت عليه من المضامين لا يهدى إلى غرض واحد متعين على حد سائر السور المشتملة على أغراض مشخصة تؤمها أوائلها وتنعطف إليها أواخرها، فاولها آيات تؤذن بالبراءة وفيها آيات القتال مع المشركين، والقتال مع أهل الكتاب ، وشطر عظيم منها يتكلم في أمر المنافقين، وآيات في الاستنهاض على القتال وما يتعرض لحال المخلفين، وآيات ولاية الكفار، وآيات الزكاة وغير ذلك، ومعظمها ما يرجع إلى قتال الكفار وما يرجع إلى المنافقين.
وعلى أي حال لا يترتب من جهة التفسير على هذا البحث فائدة مهمة وإن أمكن ذلك من جهة البحث الفقهي الخارج عن غرضنا.
قوله تعالى: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) قال الراغب:
أصل البرء والبراء والتبري: التفصي مما يكره مجاورته، ولذلك قيل: برأت من المرض وبرأت من فلان وتبرأت، وأبرأته من كذا وبرأته، ورجل برئ وقوم براء وبريؤون قال تعالى: براءة من الله ورسوله. انتهى.
والآية بالنسبة إلى الآيات التالية كالعنوان المصدر به الكلام المشير إلى خلاصة القول على نهج سائر السور المفصلة التي تشير الآية والآيتان من اولها على إجمال الغرض المسرود لأجل بيانه آياتها.
والخطاب في الآية للمؤمنين أو للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ولهم على ما يدل عليه قوله: (عاهدتم) وقد أخذ الله تعالى ومنه الخطاب ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الواسطة، والمشركون وهم الذين أريدت البراءة منهم، ووجه الخطاب ليبلغ إليهم جميعا في الغيبة، وهذه الطريقة في الاحكام والفرامين المراد إيصالها إلى الناس نوع تعظيم لصاحب الحكم والامر.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست