تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١٦٤
وفيه اخرج ابن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر رضي الله عنه يؤدى عنه براءة فلما أرسله بعث إلى على رضي الله عنه فقال: يا علي لا يؤدى عنى إلا أنا أو أنت، فحمله على ناقته العضباء فسار حتى لحق بأبي بكر رضي الله عنه فأخذ منه براءة.
فأتى أبو بكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد دخله من ذلك مخافة ان يكون قد أنزلت فيه شئ فلما اتاه قال: ما لي يا رسول الله؟ قال: خير أنت أخي وصاحبي في الغار وأنت معي على الحوض غير أنه لا يبلغ عنى إلا رجل منى.
أقول: وهناك روايات أخرى في معنى ما تقدم، وقد نقل في تفسير البرهان عن ابن شهرآشوب انه رواه الطبرسي، والبلاذري، والترمذي، والواقدي، والشعبي، والسدي، والثعلبي، والواحدي، والقرطبي، والقشيري، والسمعاني، وأحمد بن حنبل، وابن بطة، ومحمد بن إسحاق، وأبو يعلى الموصلي، والأعمش، وسماك بن حرب في كتبهم عن عروة بن الزبير، وأبي هريرة، وانس، وأبى رافع، وزيد بن نفيع، وابن عمر، وابن عباس، واللفظ له: انه لما نزل: (براءة من الله ورسوله) إلى تسع آيات أنفذ النبي صلى الله عليه وآله سلم أبا بكر إلى مكة لأدائها فنزل جبرئيل وقال: انه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين: اركب ناقتي العضباء والحق أبا بكر وخذ براءة من يده.
قال: ولما رجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جزع وقال: يا رسول الله انك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه فلما توجهت إليه رددتني منه؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الأمين هبط إلى عن الله تعالى: انه لا يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلى منى ولا يؤدى عنى إلا على.
وفيما نقلناه من الروايات وما تركناه منها وهو أكثر وفيما سيجئ في هذا الباب نكتتان أصليتان.
إحداهما: ان بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا ببراءة وعزله أبا بكر انما كان بأمر من ربه بنزول جبرئيل: (انه لا يؤدى عنك الا أنت أو رجل منك) ولم يقيد الحكم في شئ من الروايات ببراءة أو نقض العهد فلم يرد في شئ منها: لا يؤدى براءة أو لا ينقض العهد الا أنت أو رجل منك فلا دليل على تقييده ببراءة على ما وقع في كثير
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست