تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ١٣
درجة واحدة ومنهم ذو الدرجتين ومنهم ذو الدرجات على اختلاف مراتبهم في الايمان.
ويؤيده قوله تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) المجادلة 11 وقوله تعالى: (أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون) آل عمران: 163.
وبما تقدم يظهر أن تفسير بعضهم ما في الآية من الدرجات بدرجات الجنة ليس على ما ينبغي وان المتعين كون المراد بها درجات القرب كما تقدم وإن كان كل منهما يلازم الاخر.
قوله تعالى: (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) إلى آخر الآيتين ظاهر السياق أن قوله: (كما أخرجك) متعلق بما يدل عليه قوله تعالى: (قل الأنفال لله والرسول) والتقدير: أن الله حكم بكون الأنفال له ولرسوله بالحق مع كراهتهم له كما أخرجك من بيتك بالحق مع كراهة فريق منهم له فللجميع حق يترتب عليه من مصلحة دينهم ودنياهم ما هم غافلون عنه.
وقيل إنه متعلق بقوله: (يجادلونك في الحق) وقيل: إن العامل فيه معنى الحق والتقدير: هذا الذكر من الحق كما أخرجك ربك من بيتك بالحق والمعنيان - كما ترى - بعيدان عن سياق الآية.
والمراد بالحق ما يقابل الباطل وهو الامر الثابت الذي يترتب عليه آثاره الواقعية المطلوبة وكون الفعل - وهو الاخراج - بالحق هو أن يكون هو المتعين الواجب بحسب الواقع وقيل: المراد به الوحي وقيل: المراد به الجهاد وقيل غير ذلك وهي معان بعيدة.
والأصل في معنى الجدل شدة الفتل يقال: زمام جديل أي شديد الفتل وسمي الجدال جدالا لان فيه نزاعا بالفتل عن مذهب إلى مذهب كما ذكره في المجمع.
ومعنى الآيتين: ان الله تعالى حكم في أمر الأنفال بالحق مع كراهتهم لحكمه كما أخرجك من بيتك بالمدينة إخراجا يصاحب الحق والحال ان فريقا من المؤمنين
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست