تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٩ - الصفحة ٨
واختصاص الآية بحسب موردها بغنيمة الحرب لا يوجب تخصيص الحكم الوارد فيها بالمورد، فان المورد لا يخصص، فإطلاق حكم الآية بالنسبة إلى كل ما يسمى بالنفل في محله، وهي تدل على أن الأنفال جميعا لله ولرسوله لا يشارك الله ورسوله فيها أحد من المؤمنين سواء في ذلك الغنيمة والفئ.
ثم الظاهر من قوله: (قل الأنفال لله والرسول) وما يعظهم الله به بعد هذه الجملة ويحرضهم على الايمان هو ان الله سبحانه فصل الخصومة بتشريع ملكها لنفسه ولرسوله، ونزعها من أيديهم وهو يستدعي ان يكون تخاصمهم من جهة دعوى طائفة الأخرى ذلك، ففصل الله سبحانه خصومتهم فيها بسلب ملكهم منها وإثبات ملك نفسه ورسوله، وموعظتهم ان يكفوا عن المخاصمة والمشاجرة، وأما قول من يقول:
ان الغزاة يملكون ما اخذوه من الغنيمة بالاجماع فأحرى به ان يورد في الفقه دون التفسير.
وبالجملة فنزاعهم في الأنفال يكشف عن سابق عهد لهم بأن الغنيمة لهم أو ما في معناه غير أنه كان حكما مجملا اختلف فيه المتخاصمان وكل يجر النار إلى قرصته، والآيات الكريمة تؤيد ذلك.
توضيحه: ان ارتباط الآيات في السورة والتصريح بقصة وقعة بدر فيها يكشف ان السورة بأجمعها نزلت حول وقعة بدر وبعيدها حتى أن ابن عباس - على ما نقل عنه - كان يسميها سورة بدر، والتي تتعرض لأمر الغنيمة من آياتها خمس آيات في مواضع ثلاثة من السورة هي بحسب ترتيب السورة، قوله تعالى: (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) الآية، وقوله تعالى: (واعلموا ان ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شي قدير)، وقوله تعالى: (ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله ان الله غفور رحيم).
وسياق الآية الثانية يفيد انها نزلت بعد الآية الأولى والآيات الأخيرة جميعا
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست