تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣١٨
بازل، وهو جمع للمذكر والمؤنث على لفظ واحد، والهائد: التائب الراجع إلى الحق.
وقيل: مصدر يصلح للواحد والجمع كما يقال: رجل صوم وقوم صوم. وقيل:
أصله يهود فحذفت الياء الزائدة. وعلى ما قلنا فتوحيد الاسم المضمر وجمع الخبر لاعتبار اللفظ والمعنى.
أو نصارى: سبق تحقيقه. والكلام على اللف بين قولي الفريقين، والتقدير:
وقالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا. والنصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى، ثقة بأن السامع يرد إلى كل فريق قوله، وأمنا من الالتباس، لما علم من التعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما صاحبه.
تلك أمانيهم: إشارة إلى الأماني المذكورة، وهي أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم، وأن يردوهم كفارا، وأن لا يدخل الجنة غيرهم، أو إلى ما في الآية، على حذف مضاف أي أمثال تلك الأمنية المذكورة في الآية أمانيهم والجملة اعتراض، والأمنية افعولة من التمني كالأضحوكة والأعجوبة والجمع الأضاحيك والأعاجيب.
قل هاتوا برهنكم: على اختصاصكم بدخول الجنة.
والبرهان والحجة والدلالة والبيان بمعنى واحد، وقد فرق علي بن عيسى بين الدلالة والبرهان، بأن قال: الدلالة قد ينبئ عن معنى فقط لا يشهد لمعنى آخر.
والبرهان ليس كذلك، لأنه بيان عن معنى ينبئ عن معنى آخر. وقد نوزع في هذا الفرق وقيل أنه محض الدعوى (1).
إن كنتم صادقين: في دعواكم، فإن كل قول لا دليل عليه غير ثابت.
وفي هذه الآية دلالة على فساد التقليد في الأصول، ألا ترى أنه لو جاز التقليد لما أمروا بأن يأتوا فيما قالوا ببرهان، وفيها أيضا دلالة على جواز المحاجة في الدين، وفيها أيضا دلالة على أنه لا حجة في إجماع يخلو عن معصوم، وإلا لجاز لهم أن يقولوا:
البرهان أنا أجمعنا على ما قلنا، فالمتمسكون بالاجماع المذكور أضل من محرفي أهل

(1) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 186.
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست