تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٨١
وإن هم إلا يظنون: لا علم لهم.
روي أن رجلا قال للصادق (عليه السلام): إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا ما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم فإن لم يجز لأولئك القبول من علمائهم، لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم؟ فقال (عليه السلام): بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم، فرق من جهة و تسوية من جهة، أما من حيث استووا، فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما قد ذم عوامهم، وأما من حيث افترقوا فلا، قال: بين لي ذلك يا بن رسول الله. قال (عليه السلام): إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام، والرشا، وبتغيير الاحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات، و عرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم، وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم، وعرفوهم يقارفون المحرمات، واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكاياته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ كانت دلالته أوضح من أن تخفى وأشهر من أن لا تظهر لهم وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والمعصية الشديدة، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصبوا له، وإن كان لاصلاح أمره مستحقا، وبالرفق والبر والاحسان على من تعصبوا له، وإن كان للاذلال والإهانة مستحقا، فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست