تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٣٣
يكونوا مكلفين، ضرورة أن كونهم مكلفين مع عدم قبول توبتهم جبر. وهذا إنما يتم لو كان دعوة بعض المؤمنين إلى الايمان تكليفا، ولو سلم فإنما يدل على ذلك لو كان قولهم ذلك بطريق الدعوة.
والحق أن توبة الزنديق عن غير فطرة مقبولة، وعن الفطرة غير مقبولة ظاهرا، لكن لا بدلالة الآية (1)، بل بدلالة الآيات الأخر والأحاديث المروية (2).
وتقرير الثاني: إنه لو لم يكن إيمانا لم يفد التقييد بقوله: (كما آمن الناس) والتالي باطل فالمقدم مثله، والملازمة ممنوعة.
والمستند أن ذلك مبني على أن يكون المراد من الناس، المنافقين المذكورين سابقا، وليس كذلك، بل المراد المؤمنين، وفائدة التقييد التحريص، ونظيره قوله:
أكرم أخاك كما أكرمه عمرو.
وبعض استدل من قوله: " ومن الناس من يقول آمنا وما هم بمؤمنين " على أن الاقرار فقط ليس بإيمان. وهو أيضا باطل، لجواز أن يكون قولهم (آمنا) لاخبار الايمان لا إنشاءه.
قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء: الهمزة فيه للانكار مجازا، إذ الأصل فيه الاستفهام، استعملت فيه لعلاقة عدم اعتقاد الثبوت فيهما. وإذا كان للاستفهام يطلب به التصور والتصديق، كما يطلب ب‍ " هل " التصديق، وبباقي أدوات الاستفهام التصور.
والحق أن الكل لطلب التصور في المآل.
ومعنى الانكار فيه: أن ذلك لا يكون أصلا. واللام للعهد، إشارة إلى الناس المذكور سابقا، أو الجنس، وهم مندرجون تحت مفهومه على زعمهم. ولتسفيههم، إما لجعل الايمان سفها، أو لجعل المؤمنين المشهورين به، أو ليجعلونهم مشهورين به، أو لاعتقادهم فساد رأيهم، أو لتحقير شأنهم. فإن أكثر المؤمنين كانوا فقراء، ومنهم موال

(1) سورة آل عمران: الآية 90.
(2) لاحظ الوسائل: ج 18، باب 1 و 3، من أبواب حد المرتد، ص 545 - 549.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست