تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ١٢٨
[وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون (11) ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (12)] أطراف الأرض وجوانبها هذه صرة واحدة كصرة كيس لفعل، أو يحط لك السماء إلى الأرض لفعل، ويرفع لك الأرض إلى السماء لفعل، أو يقلب لك ما في بحارها أجاجا، ماء عذبا، أو زئبقا أو يانا أو ما شئت من أنواع الأشربة والادهان لفعل، ولو شئت أن يجمد البحار ويجعل سائر الأرض مثل البحار لفعل. ولا يحزنك تمرد هؤلاء المتمردين وخلاف هؤلاء المخالفين، فكأنهم بالدنيا وقد انقضت عنهم كأن لم يكونوا فيها، وكأنهم بالآخرة إذا وردوا عليها كأن لم يزالوا فيها، يا علي، إن الذي أمهلهم مع كفرهم وفسقهم في تمردهم عن طاعتك، هو الذي أمهل فرعون ذا الأوتاد ونمرود وكنعان، ومن ادعى الإلهية من ذوي الطغيان، وأطغى الطغاة إبليس ورأس الضلالات، وما خلقت أنت ولا هم لدار الفناء، بل خلقتم لدار البقاء ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار، ولا حاجة لربك إلى من يسوسهم و يرعاهم، ولكنه أراد تشريفك عليهم وإبانتك بالفضل فيهم، ولو شاء لهداهم أجمعين.
قال: فمرضت قلوب القوم لما شاهدوا من ذلك، مضافا إلى ما كان في قلوبهم من مرض، فقال الله عند ذلك: " في قلوبهم مرض، فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " (1).
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض: معطوف على (يكذبون) أو على " يقول آمنا ".

(١) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 42، ذيل قوله تعالى: " في قلوبهم مرض ".
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست