بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٥٧٥
وأما رجوعه صلى الله عليه وآله عن الامر بتبشير الناس - فعلى تقدير صحته - لا دلالة فيه على اجتهاده صلى الله عليه وآله وخطأه في رأيه، ولا ينفي الشناعة عن فعل عمر، لجواز أن يكون (1) الرجوع من قبيل النسخ بالوحي لمصلحة يعلمها الله تعالى، ويمكن أن تكون (2) مصلحة تأليف قلب هذا الفظ الغليظ، كما أمر الله سبحانه بذلك في سائر المنافقين لئلا ينفضوا عن رسوله صلى الله عليه وآله فيلحق الاسلام ضرر أعظم من فوت المصلحة بترك التبشير في ذلك الوقت، ولا يخفي أن الاجتهاد المذكور مما لم يجوزه كثير من العامة، لكون المسألة مما يتعلق بأمور الدين لا الحروب وأمور الدنيا، و (3) قد صرح بذلك شارح صحيح مسلم في شرح هذا الخبر، وقال: عدم جواز الخطأ عليه صلى الله عليه [وآله] في الأمور الدينية مذهب المحققين، وحكى عن شيخه أبي عمرو بن الصلاح توجيه النافين للاجتهاد المذكور بأنه كان لوحي ناسخ للوحي السابق.
وأما الرواية الثانية فسوء الأدب فيها بالأخذ بالثوب وجذبه صلى الله عليه وآله من خلفه واضح، وكذلك الانكار على قول الرسول صلى الله عليه وآله كما يظهر من قوله: إنه منافق - بعد قوله صلى الله عليه وآله: إني خيرت - وقوله: فلما أكثرت عليه.. - بعد قوله صلى الله عليه وآله: أخر عني، ونزول الآية (4)، والنهي

(١) في (س): إن يكن، وهو سهو.
(٢) في (س): أن يكون.
(٣) لا توجد الواو في (س).
(٤) إن رواياتهم في نزول الآية قبل هذه الواقعة أو بعدها مختلفة، فإن كانت الصلاة بعد نزول الآية فقد علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها، كما صرح به صلى الله عليه وآله وسلم، وانتخاب أحد الشقين لمصلحة وهي عين الحكمة.
وإن كان الصلاة قبل نزول الآية فنتسائل: من أين جاء علم عمر بان الصلاة عليهم منهي عنها - مع فرض عدم نزول القرآن والوحي به؟! -، وإن لم يكن منهيا عنها في نظره فلماذا خاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: بأن الصلاة على المنافقين منهي عنها، وصرف استحسان ترك الصلاة عنده - مع كون عمل النبي صلى الله عليه وآله بخلافه - لا يسوغ فعله وجرأته.
(٥٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب (16): باب آخر فيما كتب عليه السلام إلى أصحابه في ذلك تصريحا وتلويحا 7
2 باب (17): احتجاج الحسين عليه السلام على عمر وهو على المنبر 47
3 باب (18): في ذكر ما كان من حيرة الناس بعد وفاة رسول الله (ص) وغصب الخلافة وظهور جهل الغاصبين وكفرهم ورجوعهم إلى أمير المؤمنين (ع) 53
4 باب (19): ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت 121
5 باب (20) كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم وقبائح آثارهم وفضل التبري منهم ولعنهم 145
6 باب (21): باب آخر، في ذكر أهل التابوت في النار 405
7 باب (22) باب تفصيل مطاعن أبي بكر، والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من كتبهم 411
8 الطعن الأول: عدم تولية النبي (ص) لأبي بكر شيئا من الأعمال، وعزله عن تبليغ سورة براءة 411
9 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 427
10 الطعن الثالث: ما جرى في أمر فدك 443
11 الطعن الرابع: كون بيعة أبي بكر فلتة 443
12 الطعن الخامس: ترك الخليفة لإقامة الحد 471
13 الطعن السادس: قوله: أقيلوني، إن لي شيطانا يعتريني 495
14 الطعن السابع: جهل الخليفة بكثير من أحكام الدين 506
15 خاتمة: في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله 517
16 باب (23): تفصيل مثالب عمر والاحتجاج بها على المخالفين بإيراد الاخبار من صحاحهم، وذكر بعض أحواله وبعض ما حدث في زمانه 529
17 الطعن الأول: قولته: إنه ليهجر 529
18 الطعن الثاني: التخلف عن جيش أسامة 582
19 الطعن الثالث: جهله بوفاة رسول الله (ص) 582
20 الطعن الرابع: تحريمه الخليفة للمتعتين 594
21 الطعن الخامس: تعطيل الحدود الشرعية 639
22 الطعن السادس: منعه للمغالاة في صداق النساء 655
23 الطعن السابع: تجسس الخليفة وتسوره الدار 661
24 الطعن الثامن: تركه الصلاة لفقد الماء 665
25 الطعن التاسع: أمره برجم الحامل 675
26 الطعن العاشر: أمره برجم المجنونة 680
27 الطعن الحادي عشر: جهله بأبسط الأمور 687
28 الطعن الثاني عشر: جهله بحرمة الحجر الأسود 688
29 الطعن الثالث عشر: موارد من جهله وهداية الغير له 691