بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٢ - الصفحة ٣٢٧
فيها أنه هم أن يحل التكة. (1) وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: حل الهميان (2) وجلس منها مجلس الخائن، وعنه أيضا أنها استلقت له وقعد هو بين رجليها ينزع ثيابه.
ثم إن الواحدي طول في كلمات عديمة الفائدة في هذا الباب، وما ذكر آية يحتج بها، أو حديثا (3) صحيحا يعول عليه في تصحيح هذه المقالة، ولما أمعن في الكلمات العارية عن الفائدة روى أن يوسف لما قال: " ذلك ليعلم أنى لم أخنه بالغيب " قال له جبرئيل: ولا حين هممت يا يوسف؟ فقال يوسف عند ذلك: " وما أبرئ نفسي " ثم قال: والذين أثبتوا هذا العمل ليوسف كانوا أعرف بحقوق الأنبياء وارتفاع منازلهم عند الله من الذين نفوا لهم عنه! (4) فهذا خلاصة كلامه في هذا الباب.
والقول الثاني أن يوسف عليه السلام كان بريئا من العمل الباطل والهم المحرم، وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين وبه نقول وعنه نذب.
واعلم أن الدلائل الدالة على وجوب عصمة الأنبياء عليهم السلام كثيرة استقصيناها في سورة البقرة في قصة آدم عليه السلام فلا نعيدها إلا أنا نزيد ههنا وجوها:
فالحجة الأولى: إن الزنا من منكرات الكبائر، والخيانة من معرض الأمانة من منكرات الذنوب، وأيضا مقابلة الاحسان العظيم الدائم بالإساءة الموجبة للفضيحة الباقية والعار الشديد من منكرات الذنوب، وأيضا الصبي إذا تربى في حجر إنسان وبقي مكفي المؤونة مصون العرض من أول صباه إلى زمان شبابه وكمال قوته فإقدام هذا الصبي على

(١) والخبر كغيره من الآحاد التي لا يوجب علما ولا عملا وهو مخالف لأصول الشيعة بل لظاهر الكتاب، فلو كان ورد بطريق صحيح لكان وجب حمله أو طرحه فكيف وهو مرسل ورد من غير طريقنا.
(٢) الهميان: شداد السراويل أو التكة.
(٣) في المصدر: ولا حديث.
(٤) انظر كيف عرفوا حقوق الأنبياء وارتفاع منازلهم عند الله وهم نسبوهم إلى ما لا ينسب إليه آحاد الأمة، وما لا يفعله الا الفساق من الرعية، وهل يبقى لو ثبتت تلك النسب مجال لدعوى وجوب اتباعهم والوثوق بأقوالهم وقبول شهاداتهم؟ وهل يجب نهيهم عنها وإقامة الحدود عليهم؟ وفى اثبات ذلك العمل وأمثاله لهم محاذير عظيمة ذكرها المصنف في باب عصمة الأنبياء، ويذكر بعضها الرازي بعد ذلك.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست