شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٢٨
باب جوامع التوحيد يذكر فيه أنحاء من اعتبارات ثبوتية وسلبية للرد على الفرق المبتدعة منهم الملاحدة الذين لا يؤمنون بالله وهم صنفان: الأول صنف طلبوا للعلم سببا فأحالوه على الطبع الذي هو صفة جسمانية مظلمة خالية عن المعرفة والإدراك.
الثاني: صنف لم يتفرغوا لذلك ولم يتنبهوا بطلب السبب بل اشتغلوا بأنفسهم وعاشوا عيش البهائم. ومنهم عبدة الأوثان وهم قد علموا أن لهم ربا وجب طاعته ولكن حجبوا بظلمة الحس وكدورات النفس عن أن يتجاوزوا العالم الجسماني المحسوس في إثباته فاتخذوا ربا من هذا العالم، وهم أصناف: الأول صنف اتخذوا من الجواهر كالذهب والفضة أشخاصا مصورة وجعلوها آلهة، الثاني صنف ترقوا عن ذلك وقالوا: هذه الصور منحوتة نحن نحتناها والرب أعز من ذلك وأجمل فإذا رأوا إنسانا في غاية الجمال أو فرسا أو بقرا أو شجرا لها نوع اعتبار وخصوصية عبدوه وقالوا: هو ربنا.
الثالث: صنف ترقوا عن ذلك وقالوا: ينبغي أن يكون الرب نورانيا فعبدوا النار إذ وجدوها بهذه الصفة.
الرابع: صنف ترقوا عن ذلك وقالوا: النار تطفأ وتقهر فلا تصلح أن تكون ربا والرب يجب أن يكون نورانيا موصوفا بالعلو، فعبدوا النجوم كالشمس والمشتري والشعرى وغيرها، ومنهم فصلوا فقالوا: إن في هذا العالم خيرات وشرورا والخير نور والشر ظلمة وبينهما منازعة فوجب أن يكون الخير مستندا إلى النور، والشر إلى الظلمة، فأحالوا العالم إليهما وهم الثنوية. ومنهم جاوزوا الحس وقالوا:
الرب أعز من أن يكون محسوسا ولكن لم يتجاوزوا مرتبة الوهم والخيال فعبدوا موجودا قاعدا على العرش، وأخسهم رتبة المجسمة، ثم أصناف الكرامية، وأرفعهم درجة من نفى الجسمية وجميع عوارضها إلا الجهة فخصصوه بجهة فوق وهم المشبهة. ومنهم من ترقوا عن ذلك فعبدوا إلها سميعا بصيرا متكلما عالما قادرا منزها عن الجهات لكن فهموا هذه الصفات على حسب مناسبة صفاتهم، وربما صرح بعضهم فقال: كلامه صوت ككلامنا. وربما ترقى بعضهم فقال: لا بل هو كحديث أنفسنا ولا صوت ولا حرف ولذلك إذا حقق القول رجعوا إلى التشبيه في المعنى وإن أنكروه لفظا إذ لم يدركوا كيفية إطلاق هذه الألفاظ في حق الله تعالى. وكل هؤلاء مشتركون في أنهم يدعون مع الله إلها آخر (ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون) ووراء هذه المذاهب وغيرها من المذاهب الباطلة مذهب صحيح وهو أن الصانع موجود قديم أزلي
(١٢٨)
مفاتيح البحث: العزّة (2)، الظلم (1)، السب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست