شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٣٣
العقلاء وفهم الأذكياء لكمال عظمته، أوليست له صفة زائدة حتى تنال كما تنال صفاتنا الزائدة على ذو اتنا لتنزهه عن الكثرة مطلقا، أو ليست له صورة وهيئة تنالها الأفهام إذ العرب المثبتون للصفات إنما يعرفون منها الصور والهيئات، فنفي الصفة مستلزم لنفيهما في عرفهم (ولا حد يضرب له فيه الأمثال) حد الشيء منتهاه (1) والأمثال جمع المثل، ومثل الشيء بكسر الميم وفتحها نظيره كشبهة وشبهه، ولعل المقصود أنه ليس لوجوده نهاية يطرأ عليه العدم، ولا لذاته طبيعة امتدادية ينتهي إلى حد ونهاية، ولا لصفاته نهاية في القوة والكمال تقف عندها، ولا لحقيقته حد حقيقي يتصور بالكنه وإلا لجرى فيه حكم المخلوقات; لأن الحد بالمعاني المذكورة من صفاتهم ولو أحقهم، وصح أن يقال: هو مثلهم وأنه على الواجب بالذات محال (كل دون صفاته تحبير اللغات) تحبير الصوت والخط والشعر وغيرها تحسينه تقول: حبرت الشيء تحبيرا إذا أحسنته. والكلال: العجز والأعياء، تقول: كل اللسان عن البيان إذا أعيى عن أداء حقه وإسناده إلى التحبير مجاز يعني أعيى قبل الوصول إلى ذكر صفاته تحبير اللسان وعجز قبل البلوغ إلى وصف عظمتها تحسين البيان فعجز كل قائل عن ذكر كنه صفاته وأعيى كل واصف عن نيل حقيقة جلاله وكمالاته.
(وضل هناك تصاريف الصفات) قد استوفينا شرحه في الخطبة، وظهر لي الآن وجهان آخران; أحدهما: أنه ليس لجناب الحق تصاريف الصفات (2); لأن صفاته عين ذاته فلا صفات هناك.
وثانيهما: أنه ليس له تصاريف الصفات وتغيرها وتبدلها; لأن كل ما اعتبره العقل والنقل له من الصفات الكمالية فإنما هو أزلا وأبدا لا يتطرق إليه التغير والتبدل أصلا (وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير) الملكوت فعلوت من الملك كالرهبوت من الرهبة، وقد يخص الملكوت بعالم المجردات والروحانيات ويخص الملك بعالم الشهادة وعالم الماديات والجسمانيات والتعميم هنا أولى،

1 - قوله: «حد الشيء منتهاه» ليس له الحد الجسماني كالسطح والخط والنقطة ولا حد الزمان بأن ينتهى زمان وجوده في وقت معين وهو واضح بعد فرض تنزهه عن المكان والزمان والمقصود حد الماهية بدليل قوله (عليه السلام) «يضرب له فيه الأمثال»، إذ لو كان له تعالى ماهية والماهية معنى كلى يفرض له أفراد بعضها مثل بعض فكل حد نفرضه له أي كل معنى يحدد الوجود المطلق بقيد ويميزه عن أشياء أخر يمكن أن يكون في الوجود فردان منه، يضرب أحدهما مثلا للآخر، فلو قلت وهو نور يمكن ضرب مثل له هو نور الشمس. (ش) 2 - قوله: «تصاريف الصفات» الظاهر أن الصفة هنا بالمعنى المصدري بمعنى الوصف، والوصف والصفة نظير الوعد والعدة، ويطلق على الحالة العارضة مجازا كما يطلق العدة على الموعود والمراد هنا هو نفس المصدر أي كل ما يتصرف المتصرف في أن يصف الله تعالى بصفة لم يقدر وذهب الذهن منه إلى غير صفاته حقيقة فيضل، وأما حمل الشارح الصفات على المعنى المصطلح بين المتكلمين ثم حمله التصاريف على تغيير الصفة من حال إلى حال ودعواه أنه وجه آخر غير ما ذكره في شرح الخطبة فبعيد. (ش)
(١٣٣)
مفاتيح البحث: الضرب (3)، الشهادة (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست