شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١٢٩
أبدي، له نعوت جلالية وصفات كمالية غير زائدة ولا تشابه بينه وبين خلقة أصلا لا بحسب الذات ولا بحسب الصفات والمتمسكون به هم المتمسكون بذيل الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) وهم الذين خرقوا بذلك حجب الطبايع الظلمانية والنفسانية، وتجاوزوا عن المقايسات الوهمية والخيالية، ووصلوا إلى عالم التوحيد المطلق وشاهدوا رتبة الحق وعظمته وكماله وجلاله وجماله بعين البصيرة وهم بعد ما خرقوا تلك الحجب في حجب من نور عظمته كما ورد «أن لله سبعين حجابا من نور وظلمة لو كشفت لأحرقت سبحات وجهه كل من أدرك بصره» قيل: سبحات وجهه جلاله وعظمته.
وقيل: أضواؤه. وقيل: محاسنه. وقيل: غير ذلك. وإن أردت زيادة فيها فارجع إلى النهاية الأثيرية.
* الأصل:
1 - محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلما حشد الناس قام خطيبا فقال: الحمد الله الواحد الأحد الصمد المتفرد الذي لا من شيء كان ولا من شيء خلق ما كان، قدرة بان بها من الأشياء وبانت الأشياء منه فليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الأمثال، كل دون صفاته تحبير اللغات وضل هناك تصاريف الصفات وحار في ملكوته عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير، وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب، تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات الأمور.
فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن وتعالى الذي ليست له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود، سبحان الذي ليس له أول مبتدأ ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى، سبحانه هو كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته، وحد الأشياء كلها عن خلقه، إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها لم يحلل فيها فيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال له: أين؟ لكنه سبحانه أحاط بها علمه وأتقنها صنعه وأحصاها حفظه لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء ولا غوامض مكنون ظلم الدجى ولا ما في السماوات العلى إلى الأرضين السفلى.
لكل شيء منها حافظ ورقيب، وكل شيء منها بشيء محيط، والمحيط بما أحاط منها الواحد الأحد الصمد الذي لا يغيره صروف الأزمان ولا يتكأده صنع شيء كان، إنما قال لما شاء: كن فكان، ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ولا تعب ولا نصب، وكل صانع شيء فمن شيء صنع، والله لا من شيء صنع ما خلق، وكل عالم فمن بعد جهل تعلم، والله لم يجهل ولم يتعلم، أحاط بالأشياء علما قبل كونها، فلم يزدد بكونها علما، علمه بها قبل أن يكونها كعلمه بعد تكوينها، لم يكونها
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست