بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢١٩
يزول بدون ذلك لكن عند أبي يوسف بنفس القول وعند محمد بواسطة التسليم وذلك بسكنى المجتازين في الرباط والخان وسقاية الناس من السقاية والدفن في المقبرة وأجمعوا على أن من جعل دارة أو أرضه مسجدا يجوز وتزول الرقبة عن ملكه لكن عزل الطريق وافرازه والاذن للناس بالصلاة فيه والصلاة شرط عند أبي حنيفة ومحمد حتى كان له أن يرجع قبل ذلك وعند أبي يوسف تزول الرقبة عن ملكه بنفس قوله جعلته مسجدا وليس له أن يرجع عنه على ما نذكره (وجه) قول العامة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وعامة الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فإنه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف ووقف سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا علي وغيرهم رضي الله عنهم وأكثر الصحابة وقفوا ولان الوقف ليس الا إزالة الملك عن الموقوف وجعله لله تعالى خالصا فأشبه الاعتاق وجعل الأرض أو الدار مسجد أو الدليل عليه أنه يصح مضافا إلى ما بعد الموت فيصح منجزا وكذا لو اتصل به قضاء القاضي يجوز وغير الجائز لا يحتمل الجواز لقضاء القاضي ولأبي حنيفة عليه الرحمة ما روى عن عبد الله بن عباس رضى الله انهما أنه قال لما نزلت سورة النساء وفرضت فيها الفرائض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحبس عن فرائض الله تعالى أي لا مال يحبس بعد موت صاحبه عن القسمة بين ورثته والوقف حبس عن فرائض الله تعالى عز شأنه فكان منفيا شرعا وعن شريح أنه قال جاء محمد ببيع الحبيس وهذا منه رواية عن النبي عليه الصلاة والسلام انه يجوز بيع الموقوف لان الحبيس هو الموقوف فعيل بمعنى المفعول إذا الوقف حبس لغة فكان الموقوف محبوسا فيجوز بيعه وبه تبين ان الوقف لا يوجب زوال الرقبة عن ملك الوقف (وأما) وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما جاز لان المانع من وقوعه حبسا عن فرائض الله عز وجل ودفعه صلى الله عليه وسلم لم يقع حبسا عن فرائض الله تعالى لقوله صلى الله عليه وسلم انا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة (وأما) أوقاف الصحابة رضي الله عنهم فما كان منها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل انها كانت قبل نزول سورة النساء فلم تقع حبسا عن فرائض الله تعالى وما كان بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فاحتمل أن ورثتهم أمضوها بالإجازة وهذا هو الظاهر ولا كلام فيه وإنما جاز مضافا إلى ما بعد الموت لأنه لما أضافه إلى ما بعد الموت فقد أخرجه مخرج الوصية فيجوز كسائر الوصايا لكن جوازه بطريق الوصية لا يدل على جوازه لا بطريق الوصية ألا ترى لو أوصى بثلث ماله للفقراء جاز ولو تصدق بثلث ماله على الفقراء لا يحوز وأما إذا حكم به حاكم فإنما جاز لان حكمه صادف محل الاجتهاد وأفضى اجتهاده إليه وقضاء القاضي في موضع الاجتهاد بما إليه اجتهاده جائز كما في سائر المجتهدات (فصل) وأما شرائط الجواز فأنواع بعضها يرجع إلى الواقف وبعضها يرجع إلى نفس وبعضها يرجع الموقوف (أما) الذي يرجع إلى الواقف فأنواع (منها) العقل (ومنها) البلوغ فلا يصح الوقف من الصبي والمجنون لان الوقف من التصرفات الضارة لكونه إزالة الملك بغير عوض والصبي والمجنون ليسا من أهل التصرفات الضارة ولهذا لا تصح منهما الهبة والصدقة والاعتاق ونحو ذلك (ومنها) الحرية فلا يملكه العبد لأنه إزالة الملك والعبد ليس من أهل الملك وسواء كان مأذونا أو محجورا لان هذا ليس من باب التجارة ولا من ضرورات التجارة فلا يملكه المأذون كما لا يملك الصدقة والهبة والاعتاق (ومنها) أن يخرجه الوقف من يده ويجعل له قيما ويسلمه إليه عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف هذا ليس بشرط واحتج بما روى أن سيدنا عمر رضي الله عنه وقف وكان يتولى أمر وفقه بنفسه وكان في يده وروى عن سيدنا علي رضي الله عنه انه كان يفعل كذلك ولان هذا إزالة الملك لا إلى حد فلا يشترط فيه التسليم كالاعتاق واهما أن الوقف اخراج المال عن الملك على وجه الصدقة فلا يصح بدون التسليم كسائر التصرفات (وأما) وقف سيد نا عمر وسيدنا علي رضي الله عنهما فاحتمل انهما أخرجاه عن أيديهما وسلماه إلى المتولي بعد ذلك فصح كمن وهب من آخر شيئا أو تصدق أولم يسلم إليه وقت الصدقة والهبة ثم سلم صح التسليم كذا هذا
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283