بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١١١
المضاربة ليس بعقد لازم بل هو عقد جائز محتمل للفسخ فكان جحوده فسخا له أو رفعا له وإذا ارتفع العقد صار المال مضمونا عليه كالوديعة فان اشترى بها مع الجحود كان مشتر يا لنفسه لأنه ضامن للمال فلا يبقى حكم المضاربة لان من حكم المضارب أن يكون المال أمانة في يده فإذا صار ضمينا لم يبق أمينا فان أقر بعد الجحود لا يرتفع الضمان لأن العقد قد ارتفع بالجحود فلا يعود الا بسبب جديد فان اشترى بها بعد الاقرار فالقياس أن يكون ما اشتراه لنفسه لأنه قد ضمن المال بجحوده فلا يبرأ منه بفعله وفي الاستحسان يكون ما اشتراه على المضاربة ويبرأ من الضمان لان الامر بالشراء لم يرتفع بالجحود بل هو قائم مع الجحود لأن الضمان لا ينافي الامر بالشراء بدليل ان من غصب من آخر شيئا فأمر المغصوب منه الغاصب ببيع المغصوب أو بالشراء به صح الامر وإن كان المغصوب مضمونا على الغاصب وإذا بقي الامر بعد الجحود فإذا اشترى بموجب الامر وقع الشراء للآمر ولن يقع الشراء له الا بعد انتفاء الضمان وصار كالغاصب إذا باع المغصوب بأمر المالك وسلم انه يبرأ من الضمان كذا هذا وقوله المال صار مضمونا عليه فلا يبرأ من الضمان بفعله قلنا العين المضمونة يجوز أن يبرأ الضامن منها بفعله كالمغصوب منه إذا أمر الغاصب أن يجعل المغصوب في موضع كذا أو يسلمه إلى فلان انه يبرأ بذلك من الضمان وكذلك رجل دفع إلى رجل ألف درهم فأمره أن يشترى بها عبدا فجحده الألف ثم أقربها ثم اشترى جاز الشراء ويكون للآمر وبرئ الجاحد من الضمان ولو اشترى بها عبدا ثم أقر لم يبر أعن الضمان وكان الشراء له لما ذكرنا في المضارب ولو دفع إليه ألفا وأمره أن يشترى بها عبدا بعينه ثم جحد الألف ثم اشترى بها العبد ثم أقر بالألف فان العبد للآمر لان الوكيل بشراء العبد بعينه لا يملك أن يشتريه لنفسه فتعين أن يكون الشراء للآمر فصار كأنه أقر ثم اشترى بخلاف المضارب لأنه يملك أن يشترى لنفسه فلا يحمل على الشراء لرب المال الا أن يقر بالمال قبل الشراء وقال أبو يوسف في المأمور ببيع العبد إذا جحده إياه فادعاه لنفسه ثم أقر له به ان البيع جائز هو برئ من ضمانه وكذلك لو دفع إليه عبدا فأمره أن يهبه لفلان فجحده وادعاه لنفسه ثم أقر له به فباعه ان البيع جائز وهو برئ من ضمانه وكذلك ان أمره بعتقه فجحده وادعاه لنفسه ثم أقر له به فاعتقه جاز عتقه لما ذكرنا ان الامر بعد الجحود قائم فإذا جحد ثم أقر فقد تصرف بأمر رب المال فيبرأ من الضمان ولو باع العبد أو وهبه أو أعتقه ثم أقر بذلك بعد البيع قال ابن سماعة ينبغي في قياس ما إذا دفع إليه ألفا وأمره أن يشترى بها عبدا بعينه انه يجوز ويلزم الآمر لأنه لا يملك ان يبيع العبد لنفسه وقال هشام سمعت محمدا قال في رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة فجاء بألف وخمسمائة فقال هذه الألف رأس المال وهذه الخمسمائة ربح وسكت ثم قال على دين فيه لفلان كذا كذا قال محمد القول قول المضارب وقال الحسن بن زياد إذا أقر المضارب انه عمل بالمال وان في يده عشرة آلاف وعلى فيها دين الف أو الفان فقال ذلك في كلام متصل كان القول قوله مع يمينه يدفع الدين منه سمى صاحبه أو لم يسمه وان سكت سكتة ثم أقر بذلك وسمى صاحبه أو لم يسمه لم يصدق قال وهذا قياس قول أبي حنيفة وهذا الذي ذكر الحسن يخالف ما قال محمد (ووجهه) انه إذا قال في يدي عشرة آلاف وسكت فقد أقر بالربح فإذا قال على دين الف فقد رجع عما أقر به لان الربح لا يكون الابعد قضاء الدين والاقرار إذا صح لا يحتمل الرجوع عنه بخلاف ما إذا قال ذلك متصلا لان الاقرار لم يستقر بعد وكان بمنزلة الاستثناء (وجه) قول محمدان أقر بالدين في حال يملك الاقرار به فينفذ اقراره كما إذا قال هذا ربح وعلى دين وقوله إن قوله على دين بعد ما سكت يكون رجوعا عما أقر به من الربح ممنوع فإنه يجوز انه ربح ثم لزمه الدين ألا ترى ان الرجل يقول قد ربحت ولزمني دين وهو يملك الاقرار بالدين فإذا أقر به صح ولو جاء المضارب بألفين فقال الف رأس المال وألف ربح ثم قال ما أربح الا خمسمائة ثم هلك المال كله في يد المضارب فان المضارب يضمن الخمسمائة التي جحد ها ولا ضمان عليه في باقي المال لان الربح أمانة في يده فإذا جحده فقد صار غاصبا بالجحود فيضمن إذا هلك ولو قال المضارب لرب المال قد دفعت إليك رأس مالك والذي بقي في يدي ربح ثم رجع فقال لم أدفعه إليك ولكن هلك فإنه يضمن ما ادعى دفعه إلى رب المال لأنه صار
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283