المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٩١
ولكن هذا بطريق صرف الجنس إلى خلاف الجنس ونحن ادعينا انه لا وجه للجواز هنا الا هذا الطريق فكيف ما يشتغل به لا يخرج به الطريق من أن يكون عينا وإذا اشترى ثوبا وعشرة بثوب وعشرة (قلنا) هناك العقد صحيح من غير أن يصرف الجنس إلى خلاف الجنس فان القبض في مجلس شرط بقاء العقد صحيحا لا شرط الانعقاد صحيحا ونحن إنما صححنا هذا التصحيح العقد لا للبقاء صحيحا فلا يلزم. قال (وان اشترى قفيز حنطة بنصف قفيز هو أجود منه فلا خير فيه) لأنه لا قيمة للجودة فنصف القفيز بمقابلة نصف قفيز والنصف الآخر خال عن العوض وبهذه المسألة يتبين أن أدنى ما يكون مال الربا من الحنطة نصف قفيز لما بينا انها إنما تصير مال الربا لكونها مكيلا والمكيل ما يعرف مقداره بالكيل وذلك يوجد في نصف قفيز ولا يوجد فيما دونه ولا بأس بان يشترى الكفرى بما يناسب من التمر يدا بيد لان الكفرى ليس يتمر ولا يكال أيضا ولا خير فيه إذا كان الكفرى نسيئة لأنه مجهول فيه الصغير والكبير وهو عددي متفاوت فان آحاده تتفاوت في المالية. قال (ولا خير في التمر بالبسر اثنان بواحد وإن كان البسر لم يحمر ولم يصفر لان البسر تمر علي ما بينا ان التمر اسم لتمرة خارجة من النخل من حين تنعقد صورتها إلى أن تدرك فاما في الكفرى قبل انعقاد صورة التمر فلا يكون تمرا وكذلك في كل صنف من صنوف التمر فلا خير في بعضه ببعض الا مثلا بمثل يدا بيد ولا خير في أن يبتاع حنطة مجازفة بحنطة مجازفة وكذلك كل مكيل أو موزون لان المساواة في القدر شرط لجواز العقد إذا صارت الأموال أمثالا متساوية وعند البيع مجازفة لا تظهر المساواة في القدر فلا يجوز العقد. قال (فان تبايع صبرة بصبرة مجازفة ثم كلنا بعد ذلك فكانتا مستاويين لم يجز العقد عندنا) وقال زفر يجوز لان ما هو شرط الجواز وهي المماثلة قد تبين انه كان موجودا وإن لم يكن معلوما للمتعاقدين فجاز العقد كما لو زوجت امرأة نفسها من رجل وهناك شاهدان يسمعان كلامهما والمتعاقدان لا يعلمان ذلك كان النكاح جائزا وحجتنا في ذلك أن المعتبر لجواز العقد العلم بالمساواة عند العقد لأنه إذا لم يعلم ذلك كان الفضل معدوما موهوما وما هو موهوم الوجود يجعل كالمتحقق فيما بنى أمره على الاحتياط كما في العقوبات التي تندرئ بالشبهات ولان باب الربا مبنى على الاحتياط فالفضل الموهوم فيه كالمتحقق وكذلك لو باع الحنطة بالحنطة وزنا بوزن لا يجوز لان الحنطة مكيلة فشرط الجواز فيها المماثلة الكيل وبالمساواة في الوزن لا تعلم المماثلة في الكيل وهذا بخلاف ما لو أسلم في الحنطة وزنا فإنه يجوز على ما ذكره الطحاوي (13 ثاني عشر مبسوط)
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست