المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٩٥
لان المشترى يستعصى في الحلب والبائع يطالبه بترك داعية اللبن وكذلك بيع أولادها في بطونها لا يجوز لمعنى الغرور وانعدام المالية والتقوم فيه مقصودا قبل الانفصال وعجز البائع عن تسليمه واستدل بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع حبل الحبلة منهم من يروى بالكسر الحبلة فيتناول بيع الحمل ومنهم من يروى بالنصب الحبلة فيكون المراد بيع ما يحمل هذا الحمل بأذن ولدت الناقة ثم حبلت ولدها فالمراد بيع حمل ولدها وقد كانوا في الجاهلية يعتادون ذلك فأبطل ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهيه عن بيع المضامين والملاقيح وعن بيع حبل الحبلة قيل المضامين ما تتضمنه الأصلاب والملاقيح ما تتضمنه الأرحام وقيل على عكس هذا المضامين ما تضمه الأرحام والملاقيح ما تضمه الأصلاب وكذلك شراء أصوافها علي ظهورها لان الصوف قبل الجزاز وصف للحيوان وليس بمال متقوم في نفسه ولان المنازعة بينهما يتمكن في التسليم فان المشترى يستعصى في الجزاز والبائع يمنعه من ذلك وعن أبي يوسف رحمه الله أنه جوز ذلك لان الصوف عين مال ظاهر وقاسه ببيع قوائم الخلاف وذلك جائز والفرق بينهما على ظاهر الرواية ان النمو في أغصان الشجرة يكون من رأسه الا من أصلها فلا يختلط ملك البائع بملك المشترى وأما النمو في الصوف يكون من أصله وذلك يتبين فيما إذا حصب الصوف على ظهر الشاة ثم تركه حتى نما فالمحصوب يكون على رأسه لا في أصله فيختلط ملك البائع بملك المشترى مع أن ما يكون متصلا بحيوان فهو وصف محض بخلاف ما يكون متصلا بالشجرة فهو عين مال مقصود من وجه فيجوز بيعه لذلك. قال (وكل شئ اشتراه من الثمار على رأس الشجر بصنف من غيره يدا بيد فلا بأس به وشراء الثمار قبل أن تصير منتفعا بها لا يجوز) لأنه إذا كان بحيث لا يصلح لتناول بني آدم أو علف الدواب فهو ليس بمال متقوم فان صار منتفعا به ولكن لم يبد صلاحه بعد بأن كأن لا يأمن العاهة والفساد عليه فاشتراه بشرط القطع يجوز وان اشتراه بشرط الترك لا يجوز وان اشتراه مطلقا يجوز عندنا لان مطلق العقد يقتضى تسليم المعقود عليه في الحال فهو وشرط القطع سواء وعند الشافعي لا يجوز هذا العقد انهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبد وصلاحها أو قال حتى يزهى أو قال حتى تؤمن العاهة وتأويله عندنا في البيع بشرط الترك بدليل قوله أرأيت لو أذهب الله تعالى الثمرة بما يستحل أحدكم مال أخيه المسلم وإنما يتوهم هذا إذا اشتري بشرط الترك إلي أن يبدو صلاحها أما إذا اشتراها بعد ما بد اصلاحها إلا أنها لم تدرك بعد شرط القطع
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست