المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٩٤
يدرك فلا خير فيه لأنه إن كان بمقابلة منفعة الترك بعض البدل فهو إجارة مشروطة في البيع وإن لم يكن بمقابلتها شئ من البدل فهو إعارة مشروطة في العقد وكل واحد منهما مفسد للعقد وان اشتراه مطلقا ثم تركه إلى وقت الادراك فإن كان الترك باذن البائع فالفضل طيب للمشترى لأنه تبرع عليه بمنافع أرضه وإن كان الترك بغير إذن البائع فعليه أن يتصدق بالفضل لأنه حصل له بكسب خبيث فإنه غاصب للأرض ولزيادة إنما حصلت بقوة الأرض فكان بمنزلة من غصب أرضا وزرعها فعليه أن يتصدق بالفضل. قال (وان استأجر الأرض مدة معلومة بأجر معلوم ليترك الفضل فيها فذلك جائز) لان استئجار الأرض صحيح إذا كان المستأجر يتمكن من استيفاء منفعتها والتمكن هنا موجود لاشتغالها بزرعه بمعنى أنه وصلت منفعة الأرض إلي زرعه فصار كأن زرعه استوفي منفعة الأرض وان استأجرها إلي وقت الادراك فهو فاسد لجهالة المعقود عليه وقد يتقدم الادراك إذا تجعل الحر وقد يتأخر إذا طال البرد ويلزمه أجر المثل لأنه استوفى في المنفعة بحكم عقد فاسد ولا يجاوز به ما سمى لانعدام المقوم في الزيادة ثم يرفع من الغلة ما غرم فيه ويتصدق بالفضل لأنه حصل بحكم عقد فاسد فتمكن فيه نوع خبيث. قال (ولا بأس بأن يبتاع زرع الحنطة بعد ما أدرك بغير الحنطة عندنا) وعند الشافعي لا يجوز في أحد القولين لأنه اشترى ما لم يره وبيانه يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى. قال (وإذا كان الشئ مما يكال أو يوزن بين رجلين وهما نوعان فاقتسماه مجازفة فأخذ أحدهما أحد النوعين والآخر النوع الآخر بغير كيل وأخذ كل واحد منهما نصف نوع مجازفة فهو جائز إذا اصطلحا عليه) لأنهما جنسان مختلفان والمعاوضة عند اختلاف الجنس يدا بيد يجوز كيف ما كان وكيل واحد منهما يأخذ نصف النوع الذي أخذه بتقديم ملكه والنصف الآخر عوضا عما تركه لصاحبه من نصيبه في النوع الآخر وبيع الحنطة بالشعير مجازفة يجوز. قال (ولا يجوز شراء اللبن في الضرع كيلا ولا مجازفة بدراهم أو غير ذلك أنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر والغرر ما يكون مستور العاقبة ولا يدرى أن ما في الضرع ريح أو دم أو لبن ولان البيع يختص بعين مال متقوم بنفسه واللبن في الضرع بمنزلة الصفة في الحيوان ولا يكون مالا متقوما بنفسه قبل الحلب وأوصاف الحيوان لا تقبل البيع كاليد والرجل ولان اللبن يزداد ساعة فساعة وتلك الزيادة لا يتناولها البيع واختلاط المبيع بما ليس بمبيع من ملك البائع على وجه يتعذر تمييزه مبطل للبيع ثم تمكن المنازعة بينهما في التسليم
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست