المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٥٩
هبة فله أن يرجع فيها في قول أبي حنيفة) وفي قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله ليس له أن يرجع فيها. وجه قولهما ان الملك بحكم الهبة وقع لذي الرحم المحرم فلا رجوع فيها كما لو كان وهب للمولى وهذا لأنه وان أضاف العقد إلى العبد فالمقصود المولى وهو قريبه فعرفنا أن مقصوده صلة الرحم ألا ترى أنه لو أوصى لعبد وارثه أو لعبد قاتله كان ذلك كالوصية لمولاه حتى لا يصح ولأنه في الرجوع يخاصم المالك وهو قريب له وفي مخاصمته في الرجوع فيها قطيعة الرحم وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول الصلة ما تمت لذي الرحم المحرم عقدا وملكا فيكون له أن يرجع فيما كما لو كان وهب لأخيه وهو عبد لغيره وهذا لان الرجوع باعتبار العقد والملك حتى إذا كان العقد معاوضة فليس فيه حق الرجوع وبعد زوال الملك لا رجوع والعقد هنا للعبد ألا ترى أن القبول والرد يعتبر منه دون المولى وان المعتبر منه دين العبد حتى إذا كان الموهوب خمرا صحت الهبة إذا كان العبد كافرا وإن كان مولاه مسلما. والملك بحكم الهبة يقع للعبد على أحد الطريقين لان الحكم إنما يثبت لمن باشر سببه ولهذا يقدم فيه حاجة العبد حتى يقضي منه ديونه ثم ينتقل إلى المولى عند استغناء العبد عنه لأنه مالك لرقبته فيخلفه في كسبه خلافة الوارث المورث. وعلى الطريق الآخر الملك يقع للمولى ولكن بطريق الخلافة عن العبد لأنه ليس بأهل للملك فيخلف القاتل في ذلك مولاه وهو نظير الطريقين في الوكيل بالشراء * إذا ثبت هذا فنقول لما وقع العقد للعبد وهو أجنبي فلا ينفك هذا العقد عن مقصود العوض فيثبت حق الرجوع فيه إذا لم يعوض (فان قيل) فإذا وقع الملك للعبد ثم انتقل منه إلي المولى ينبغي أن لا يثبت حق الرجوع فيه (قلنا) هذا ان لو كان الثابت له ملكا مستقرا وهو ليس من أهل ذلك وعند العقد هذا الانتقال كان معلوما فلا يكون مانعا من الرجوع (فان قيل) كيف يقصد بالهبة من العبد العوض وهو ليس من أهل العوض فينبغي أن لا يثبت الرجوع في الهبة من العبد أصلا لعلمنا أنه لم يقصد العوض به كما لا يرجع في الهبة من الفقير (قلنا) العبد من أهل أن يعوض بمنافعه وخدمته ومن أهل أن يعوض بكسبه عند اذن المولى فكان المقصود بالهبة منه ما هو المقصود بالهبة من الحر وهو العوض وهذا بخلاف الوصية فالبطلان هناك لايثار بعض الورثة وذلك بالملك لا بالعقد فاعتبرنا من يقع له الملك وهنا الرجوع لفوات المقصود بالعقد فان العوض مقصود بعقد التبرع أيضا فإنما ينظر إلى من وقع العقد أو الملك له فأيهما كان أجنبيا ثبت حق الرجوع له لأنه لم
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست