المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٦٢
قرابته القريبة يثبت هذا القدر من الولاية كقرابة العم لقرابة الأخ ثم تأيدت قرابة العم بكون اليتيم في عياله فتتم الهبة له بقبضه * قال وكذلك أن كان له وصى فوهب له هبة وهو في عياله وأشهد على ذلك وأعلمه جاز وقبل مراده وصى الأم أو الأخ فأما وصي الأب والجد فله أن يقبض ما يوهب له سواء كان في عياله أولم يكن لأنه قائم مقام الوصي في الولاية في ماله مطلقا سواء كان هو الواهب له أو غيره. قال (فإن كان رجل أجنبي يعول يتيما وليس بوصي له ولا بينهما قرابة وليس لهذا الوصي أحد سواه جاز له ان يقبض ما يوهب له استحسانا) وفى القياس لا يجوز لأنه لا ولاية له عليه وهو متبرع في تربيته والانفاق عليه فكان كسائر الأجانب فيما ينبنى على الولاية ولكنه استحسن فقال فيما يتمحض منفعة لليتيم فمن يعوله خلف عن وليه ألا ترى أنه أحق بحفظه وتربيته لو أراد أجنبي آخر ان ينتزعه من يده لم يكن له ذلك وأن يسلمه في تعليم الاعمال فيكون في ذلك بمنزلة وليه والخلف يعمل عمل الأصل عند عدم الأصل. وإنما أثبتنا هذه الخلافة توفيرا للمنفعة على الصغير لأنه يقرب إلى المنافع ويبعد عن المضار وفى قبض الهبة محض منفعة له فإذا ثبت أن له أن يقبض هبة الغير له فكذلك إذا كان هو الواهب فأعلمها وأبانها فهو جائز وقبضه له قبض ويستوى إن كان الصبي يعقل أو لا يعقل. وفيه نوع اشكال لأنه إذا كان يعقل فهو من أهل ان يقبض بنفسه فلا حاجة إلى اعتبار الخلف هاهنا * ولكن الجواب أن يقول يقبض لا باعتبار الولاية على نفسه فالصغير تبقى ولايته عن نفسه ولكن لتوفير المنفعة عليه وفى اعتبار قبض من يعوله مع ذلك معنى توفير المنفعة أظهر لأنه ينفتح عليه بابان لتحصيل هذه المنفعة بخلاف الولد الكبير لأنه يقبض هناك بولايته على نفسه وولاية الغير خلف فلا يظهر عند ظهور الأصل.
قال (وكل يتيم في حجر أخ أو ابن أخ أو عم يعوله فوهب له رجل هبة فإنما يقبضها الذي يعوله إذا كان هو صغيرا لا يحسن القبض) وكذلك أن كان عاقلا يحسن القبض قبض له من يعوله جاز لما بينا وان قبض الصغير بنفسه ففي القياس لا يجوز قبضه وهو قول الشافعي لأنه لا معتبر بقبضه قبل البلوغ خصوصا فيما يمكن تحصيله له بغيره فان اعتبار عقله للضرورة وذلك فيما لا يمكن تحصيله له بغيره فأما فيما يمكن تحصيله له بغيره فلا تتحقق الضرورة ولهذا لم يعتبر الشافعي رحمه الله عقله في صحة اسلامه واعتبره في وصيته واختياره أحد الأبوين لان ذلك لا يمكن تحصيله له بغيره. وجه الاستحسان انه إنما لا يعتبر عقله لدفع الضرر عنه
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست