المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٦٣
فالظاهر أنه لا يتم في عواقب الأمور بماله من العقل الناقص قبل بلوغه وهذا فيما يتردد بين المضرة والمنفعة فأما فيما يتمحض منفعته لا يتحقق هذا المعنى وقد بينا أن في اعتبار عقله توفير المنفعة عليه وإذا كان فيما لا يمكن تحصيله له بغيره إذا كان محض منفعة يعتبر عقله لتوفير المنفعة عليه بطريقتين * ثم العادة الظاهرة بين الناس التصدق على الصبيان من غير نكير منكر وتعامل الناس من غير نكير منكر أصل من الأصول كبير ولان حقيقة القبض توجد منه وهو محبوس فإنما يسقط اعتباره في حق حكمه لحجر شرعي ولا حجر عليه فيما يتمحض منفعته له. قال (والصبية التي دخل بها زوجها فان زوجها يقبض الهبة لها لأنه يعولها (فان قيل) الولاية عليها للأب دون الزوج (قلنا) نعم ولكن الأب أقام الزوج مقام نفسه في حفظها وحفظ مالها إذا زفها إلى بيت الزوج وقبض الهبة من باب الحفظ فيقوم الزوج فيه مقام الأب ولكن لهذا لا تنعدم ولاية الأب فإذا قبضها الأب صح قبضة لقيام ولايته وان قبضت بنفسها جاز لأنها تعقل القبض وان قبض الزوج جاز لما بينا ولا يكون الزوج في هذا بمنزلة ما لو سلم الأب ولده الصغير إلي من يعوله لان ذلك لا يثبت به الاستحقاق فعرفنا انه لا يقوم فيه مقام الأب والزوج فحكم النكاح يثبت له عليها استحقاق اليد حتى يصير أولى بها من أبيها وان كانت لم تزف إلى زوجها لم يعتبر قبض الزوج لها لان اعتبار ذلك بحكم أنه يعولها وان له عليها يدا مستحقة وذلك لا يوجد قبل الزفاف وان أدركت لم يجز قبض الزوج لها لان اعتبار ذلك بحكم انه يعولها لأنها صارت ولية نفسها حين بلغت عاقلة. قال (ولا يجوز قبض الأخ والجد على الصغير إذا كان الأب حيا حاضرا) لان من هو الأصل في هذه الولاية حاضر فلا حاجة إلى اعتبار من هو خلف في ذلك فإن كان الأب غائبا غيبة منقطعة فقد خرج الصغير من أن يكون منتفعا برأي الأب فيصير هو كالمعدوم فتكون ولاية القبض للأخ إذا كان الصغير في عياله وهذا نظير ولاية التزويج ونظير حق الحضانة والانفاق من المال فإنه لا يعتبر مال الجد ما دام الصغير منتفعا بمال الأب فإذا انعدم ذلك بغيبة ماله جعل في حكم المعدوم أصلا ألا تري أن التيمم لما جعل خلفا عن الماء في حكم الطهارة فحال عدم الماء وحال نجاسة الماء الموجود في ذلك سواء لان ما هو المقصود وهو الطهارة لا يحصل بالماء النجس فإن كان الأب دفعه إلى غير الأخ وغاب غيبة منقطعة فكان في حجر الرجل وعياله جاز له قبض الهبة ولو قبض الأخ لم يجز قبضه لان الأب أقامه مقام نفسه في النظر (5 ثاني عشر مبسوط)
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست