المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٥٥
عندنا وقال الشافعي له ذلك لما روينا من قوله عليه الصلاة والسلام الا الوالد فيما يهب لولده والاستثناء من النفي اثبات ومن التحريم إباحة * وفي حديث نعمان بن بشير رضي الله عنه قال نحلني أبى غلاما وانا ابن سبع سنين فأبت أمي إلا أن يشهد على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملني أبى على عاتقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك فقال صلوات الله وسلامه عليه ألك ولد سواه فقال نعم فقال عليه الصلاة والسلام أوكل ولدك نحلته مثل هذا فقال لا فقال عليه الصلاة والسلام هذا جور وانا لا نشهد على جور أردد فقد امره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجوع فيه وأقل أحوال الامر أن يفيد الإباحة ولأنه جاد بكسبه على كسبه فيتمكن من الرجوع فيه كما لو وهب لعبده. ومعنى هذا أن الولد كسبه.
قيل في معنى قوله تعالى ما أغنى عنه ماله وما كسب وما ولد وقال عليه الصلاة والسلام وان ولده من كسبه. وتأثيره ما بينا أنه لا يتميز عن ملكه إذا كان الموهوب له كسباله كالموهوب به وإذا كان الموهوب له جزأ منه فلا يشكل أنه لا يتم خروجه عن ملكه ولا يبعد أن يختص الوالد بما لا يشاركه الولد فيه كالتملك بالاستيلاد فإنه يثبت للأب في جارية ابنه ولا يثبت للابن في جارية أبيه. وحجتنا ما روينا من حديث عمر رضي الله عنه فهو الامام لنا في المسألتين ولان الهبة قد تمت لذي الرحم المحرم ملكا وعقدا فلا يملك الرجوع فيه كالابن إذا وهب لا بيه أو الأخ لأخيه وهذا لان المقصود قد حصل وهو صلة الرحم ولان في الرجوع معنى قطيعة الرحم وهذا موجود في حق الوالد مع ولده لأنه بالرجوع يحمله على العقوق وإنما أمر الوالد أن يحمل ولده على بره. ولا يقال مقصود الوالد أن يخدمه الولد ولما رجع فالظاهر أنه لم ينل ذلك لان شفقة الأبوة تمنعه من الرجوع بعد حصول المقصود وهذا لان هذا المعنى خفى لا ينبنى الحكم عليه وهو موجود في الولد إذا وهب لوالده فالظاهر أنه قصد أن يخصه باكرام وإنما يرجع لأنه لم ينل ذلك ولا معتبر بما ذكر من الكسب فإنه لو وهب لمكاتبه أو لمعتقه لا يرجع فيه وهو كسبه أيضا وهذا لان الولد كسبه لا ملكه بخلاف عبده. فأما الحديث فقد قيل معنى قوله عليه الصلاة والسلام الا الوالد ولا الوالد فان كلمة الا تذكر بمعنى ولا قال الله تعالى إلا الذين ظلموا منهم أي ولا الذين ظلموا منهم وقوله تعالى وما كان مؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ أي ولا خطأ. أو المراد الا الوالد فإنه ينفرد بأخذه عند حاجته على ما قررنا وحديث النعمان بن بشير رضى الله تعالى عنه قيل
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست