المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢٢
الحاجة فأما إذا تحققت الحاجة والضرورة فلا بأس بأن يفعل ذلك في دار الحرب بغير ضمان وفى دار الاسلام يشترط ضمان النقصان لان عند الضرورة له أن يدفع الضرر عن نفسه بمال الغير بشرط الضمان مع أنه لاحق له فيه فلأن يكون له ذلك فيما له فيه حق أولى وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا من المشركين وقع في الخندق فمات فأعطي المسلمون بجيفته مالا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنهاهم وفيه دليل لأبي يوسف على أبي حنيفة ومحمد رحمهم الله تعالى في أنه لا يجوز للمسلم بيع الميتة من الحربي في دار الحرب بمال فان مطلق النهى دليل فساد المنهى عنه ولكنهما يقولان إنما يجوز ذلك للمسلم المستأمن في دار الحرب وموضع الخندق كان من دار الاسلام فلهذا نهى عن ذلك وهذا ليس بقوى فان في دار الاسلام إنما لا يحل ذلك مع الحربي المستأمن فأما مع الحربي الذي لا أمان له يجوز في دار الاسلام ودار الحرب لان ماله مباح فللمسلم أن يأخذه بأي وجه يقدر عليه ولكن الأصح أن نقول إنما نهي عن ذلك لما عرف فيه من الكبت والغيظ للمشركين لا لان ذلك حرام أو لئلا يظن بالمسلمين أنهم يجاهدون لطلب المال بل لابتغاء مرضاة الله تعالى واعزاز الدين وعن الشعبي وزياد بن علاقة رحمهما الله تعالى أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه كتب إلى سعد بن أبي وقاص رضى الله تعالى عنه انى قد أمددتك بقوم من أهل الشام فمن أتاك تتفقي القتلى فأشركه في الغنيمة فيه بيان أن الامام إذا بعث جيشا ينبغي له أن يمدهم بقوم أخر ليزدادوا بهم قوة وان المدد إذا لحق الجيش بعد إصابة الغنيمة قبل الاحراز فإنهم يشاركونهم في المصاب كما هو مذهب علمائنا رحمهم الله تعالى وان مراد عمر رضي الله عنه في قوله الغنيمة لمن شهد الوقعة إذا كانت الوقعة في دار الاسلام ودار الحرب بمنزلة موضع واحد فمن حصل من المدد في دار الحرب كان شاهدا للوقعة معنى وتكلموا في معني قوله قبل أن تتفقي القتلى قيل معناه قبل أن تتشقق القتلى بطول الزمان فجعل ذلك كناية عن الانصراف إلي دار الاسلام وقيل معناه قبل أن يميز قتلى المسلمين من قتلى المشركين والتفقؤ عبارة عن هذا ومنه سمى الفقيه لأنه يميز الصحيح من السقيم وقال الشاعر تفقأ فوقه القلع السواري * وجن الخاز باز به جنونا ومنهم من يروى تتفقي القتلى القاف قبل الفاء ومعناه قبل أن تجعلوا القتلى على قفاكم بالانصراف
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست