المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٢١
التحكم عليهم في أموالهم بقدر الحاجة لتجهيز الجيش فكأنه من على جرير وولده رضي الله عنه م بأن رفع ذلك عنهم فقد كان موقرا فيهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بوقره حتى قال جرير رضي الله عنه ما نظر إلى الا تبسم ولو في صلاته لكن لم يقبل جرير هذه المنة منه لعلمه أن في الجهاد بالمال معنى الثواب واستحقاق المؤمن التوقير بكونه مستبقا إلى الخيرات والطاعات ولكن قال لا أعطى المال إليك بل أدفع بنفسي إلى من أختاره من الغزاة ليتبين به أنه غير مجبر على ما يعطى وبهذا يستدل من يقول من أصحابنا أن الأفضل للمرء أن يشارك أهل محلته في اعطاء النائبة ولكنا نقول هذا كان في ذلك الوقت لأنه إعانة على الطاعة فأما في زماننا إنما يوجد أكثر النوائب بطريق الظلم ومن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فذلك خير له وان أراد الاعطاء فليعطه من هو عاجز عن دفع الظلم عن نفسه وعن أداء المال لفقره حتى يستعين على دفع الظلم فينال المعطى الثواب بذلك وعن أبي مرزوق عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انه افتتح قرية بالمغرب فخطب أصحابه فقال لا أحدثكم الا بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول يوم خيبر من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماؤه زرع غيره ولا يتبع المغنم حتى يقسم ولا يركب دابة من فئ المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ولا يلبس ثوبا من فئ المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه ففيه دليل على أن صاحب الجيش عند الفتح ينبغي له ان يخطب ويعلم الناس في خطبته ما يحتاجون إليه في ذلك الوقت فقد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعند فتح خيبر فمما ذكر عنده في فتح خيبر هذا الحديث وفيه دليل على أنه لا يحل وطئ الحبالى من الفئ وبه نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس الا لا توطأ الحبالى من الفئ حتى يضعن ولا الحبالى حتى يستبرين بحيضة وفى وطئ الحامل سقى مائه زرع غيره كما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قوة سمع الجنين وبصره وشعره بماء الواطئ ففيه دليل انه ليس للغازي ان يبيع نصيبه قبل القسمة لان الملك لا يثبت له الا بالقسمة وبيع مجرد الحق لا يجوز ولان نصيبه مجهول لا يدرى أين يقع وأي مقدار يكون وللامام رأى في بيع الغنائم وقسمة الثمن فإنما يبيع ما هو مجهول جهالة متفاحشة وذلك باطل وفيه دليل على أنه لا يحل لبعضهم الانتفاع بدواب الغنيمة وثيابها قبل القسمة وقد سمى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ربا الغلول في حديث آخر ونهى عنه ولكن هذا عند عدم
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست