المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٣٣
فالمسلمون واثقون؟ بجميل وعد الله تعالى الله في نصرة أوليائه ينصرهم في المرة الثانية كما نصرهم في المرة الأولى فأما عندنا الحق يثبت بنفس الاخذ ويتأكد الاحراز ويتمكن بالقسمة كحق الشفيع يثبت بالبيع ويتأكد بالطلب ويتم الملك بالأخذ وما دام الحق ضعيفا لا تجوز القسمة لأنه دون الملك الضعيف في المبيع قبل القبض وبيان هذا الأصل أن السبب لا يتم قبل الاحراز لان السبب هو القهر وقبل الاحراز هم قاهرون يدا مقهورون دارا والثابت من وجه دون وجه يكون ضعيفا وهذا لان البقعة إنما تنسب الينا أو إليهم باعتبار القوة والشوكة ولما بقيت هذه البقعة منسوبة إليهم عرفنا أن القوة فيها لهم والدليل عليه أنه يحل للامام أن يرجع إلى دار الاسلام ويترك هذه البقعة في أيديهم وإنما حل ذلك لعجزه عن المقام في هذا الموضع فعرفنا أنا نحسن العبارة في قولنا أنه هزم المشركين وفى الحقيقة هو المنهزم منهم حين ترك هذا الموضع في أيديهم والدليل عليه أن بالأخذ يملك الأراضي كما يملك الأموال ثم لا يتأكد الحق في الأرض التي نزلوا فيها إذا لم يصيرها دار الاسلام فكذلك في الأموال والقصد إلى التملك وجد في الكل فإنه ما دخل دار الحرب الا قاصدا لملك الأراضي والأموال عليهم بحسب الامكان ولسنا نسلم أن سبب الملك نفس الاخذ بل هو قهر يحصل به اعلاء كلمة الله تعالى ولهذا كان المصاب غنيمة يخمس وهذا القهر لا يتم بنفس الاخذ ولا بقهر الملاك بل بقهر جميع أهل دار الحرب وذلك بالاحراز ليكون حينئذ جميع دارهم مقابلا بجميع دارنا فأما قبل الاحراز يقابل جميع دارهم بالجيش وليس بهم قوة المقاومة مع جميع أهل الحرب وبه فارق المراغم إذا أحرز نفسه بمنعة أهل الجيش فإنه يعتق لان حاجته إلى قهر مولاه فقط وذلك يتم بالجيش ألا ترى أنه لا يجب الخمس في رقبته وإذا كان القتال في دار الاسلام فبنفس الاخذ يصير المال محرزا بالدار فيتم القهر وإذا صير البقعة دار اسلام فقد تم الاحراز بالدار ألا ترى أنه وإن لم يؤخذ المال يتأكد حقهم فيها وان الحق يتأكد في الأراضي أيضا وبه فارق الصيد فسبب الملك هناك الاخذ وهو القهر على الممتنع في نفسه وهنا الامتناع في المال بل فيمن يقاتل دونه وذلك جميع أهل الحرب ولا يتم قهر جميعهم الا بالاحراز حكما نقول فان قسمها جاز لأنه أمضى فصلا مجتهدا فيه وقضاء المجتهد في المجتهدات نافذ وبيان هذا أن الاختلاف في سبب القسمة وهو الملك أنه هل يتم بنفس الاخذ أم لا فإذا نفذ باجتهاده كان صحيحا كما إذا قضي بشهادة الأعمى أو المحدود في قذف
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست