المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٣١
ومجرد حرمة القتل لا يكفي لوجوب الضمان كما في النساء والولدان منهم وكما نهي عن قتل من بلغته الدعوة منهم بطريق المثلة ثم لا يكون موجبا للضمان عليه على من فعله وان كانوا قد بلغتهم الدعوة فان هم دعوهم فحسن لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا في سرية؟ وقال لا تقاتلوهم حتى تدعوهم فان أبوا فلا تقاتلوهم حتى يبدؤكم فان بدؤوكم فلا تقاتلوهم حتى يقتلوا؟ منكم قتيلا ثم أروهم ذلك القتيل وقولوا لهم هل إلى خير من هذا سبيل فلان يهدي الله تعالى على يديك خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت وقد بينا ان المبالغة في الانذار قد تنفع وان تركوا ذلك فحسن أيضا لأنهم ربما لا يقوون عليهم إذا قدموا الانذار والدعاء ولا بأس ان يغيروا عليهم ليلا أو نهارا بغير دعوة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار علي بني المصطلق وهم غارون غافلون ويعمهم على الماء بسقي؟ وعهد إلى أسامة بن زيد رضي الله عنه ان يغيروا على أبنا صباحا ثم يحرق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغير على قوم صبحهم واستمع النداء فإن لم يسمع أغار عليهم حتى روى أنه صبح أهل خيبر وقد خرج العمال ومعهم المساحي والمكاتل فلما رأوهم ولوا منهزمين يقولون محمد والخميس والخميس الجيش وقد كانوا وجدوا في التوراة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزوهم يوم الخميس ويظفر عليهم وكان ذلك اليوم يوم الخميس فلما قالوا ذلك قال رسول الله صلى الله وسلم الله أكبر خربت خيبر انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ولا بأس بأن يحرقوا حصونهم ويغرقوها ويخربوا البنيان ويقطعوا الأشجار وكان الأوزاعي رحمه الله تعالى يكره ذلك كله لحديث أبي بكر رضي الله عنه في وصية يزيد ابن أبي سفيان رضي الله عنه لا تقطعوا شجرا ولا تخربوا ولا تفسدوا ضرعا ولقوله تعالى وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها الآية وتأويل هذا ما ذكره محمد رحمه الله تعالى في السير الكبير ان أبا بكر رضي الله عنه كان أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الشام تفتح له على ما روى أنه قال يوما انكم ستظهرون على كنوز كسرى وقيصر فقد أشار أبو بكر رضي الله عنه إلى ذلك في وصيته حيث قال فان الله ناصركم عليهم وممكن لكم أن تتخذوا فيها مساجد فلا يعلم الله منكم انكم تأتونها تلهيا فلما علم أن ذلك كله ميراث للمسلمين كره القطع والتخريب لهذا ثم الدليل على جوازه ما ذكره الزهري رحمه الله تعالى ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع نخيل بني النضير فشق ذلك عليهم حتى نادوه ما كنت ترضى
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست