المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٦٤
ذلك جائز والامام نصب ناظرا فربما يكون النظر في قتلهم لمعنى الكبت والغيظ للعدو وليأمن المسلمون فتنتهم وربما يكون النظر في قسمتهم لينتفع بهم المسلمون فيختار من ذلك ما هو الأنفع ولهذا لا يحل للمسلمين قتلهم بدون رأى الامام لان فيه افتياتا علي رأيه إلا أن يخاف الآسر فتنة فحينئذ له أن يقتله قبل أن يأتي به إلى الامام وليس لغير من أسره ذلك لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يتعاطى أحدكم أسير صاحبه فيقتله وإن كان لو قتله لم يلزمه شئ لان الأسير ما لم يقسم الامام مباح الدم بدليل أن للامام أن يقتله وقتل مباح الدم لا يوجب ضمانه فان أسلموا لم يقتلهم لقوله صلى الله عليه وسلم فإذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم ولان القتل لدفع فتنة؟ الكفر وقد اندفعت بالاسلام ولكنه يقسمهم لأنه كان مخيرا فيهم بين القتل والقسمة فإذا تعذر أحدهما تعين الآخر وهذا لان حق المسلمين قد ثبت فيهم بالأخذ وصاروا بمنزلة الأرقاء والإسلام لا ينافي بقاء الرق والقسمة لتعيين الملك لا أن يكون ابتداء الاسترقاق فاسلامهم لا يمنع من ذلك فإن لم يسلموا ولكنهم ادعوا أمانا فقال قوم من المسلمين قد كنا أمناهم فإنهم لا يصدقون على ذلك لان حق المسلمين قد ثبت فيهم فلا يصدقون في ابطال حق المسلمين وقولهم هذا اقرار لا شهادة فإنهم أخبروا به عن أنفسهم ومن أخبر بما لا يملك استنئافه كان متهما في خبره فلا يصدق وان شهد قوم من المسلمين عدول على طائفة أخرى من المسلمين أنهم أسروهم وهم ممتنعون جازت شهادتهم لأنه لا تهمة في شهادتهم فإنهم ان كانوا من الجند ففي شهادتهم ضرر عليهم وان كانوا من غير الجند فليس في شهادتهم منفعة لهم وإذا انتفت التهمة فالثابت بالشهادة كالثابت معاينة ولا يقتل الأعمى ولا المقعد والمعتوه من الأسارى لأنه إنما يقتل من يقاتل قال الله تعالى وقاتلوهم والمفاعلة تكون من الجانبين ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مقتولة قال هاه ما كانت هذه تقاتل فعرفنا أنه إنما يقتل من الأسارى من يقاتل والأعمى والمقعد والمعتوه لا يقاتلون أحدا وإن كان ذلك منهم عارضا فقد اندفع بالأسر فلا يقتلون بعد ذلك كالمرأة منهم إذا قاتلت فأسرت لا تقتل بعد ذلك ولا بأس بارساله الماء إلى مدينة أهل الحرب واحراقهم بالنار ورميهم بالمنجنيق وإن كان فيهم أطفال أو ناس من المسلمين أسر أو تجاري وقال الحسن بن زياد رحمه الله تعالى إذا علم أن فيهم مسلم وأنه يتلف بهذا الصنع لم يحل له
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست