المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٦١
ان تؤسر فالنكاح بحاله لأنه لم تتباين بهما الدار حكما فإنها مسلمة وان كانت مأسورة في دار الحرب فالمسلم من أهل دار الاسلام حكما وإن كان في دار الحرب صورة وتباين الدارين حقيقة لا حكما لا يقطع عصمة النكاح وبالاحراز تصير مملوكة لأهل الحرب فيكون ذلك في حكم النكاح كبيع المولى إياها وذلك غير مفسد للنكاح فان غلب العدو على مال المسلمين فأحرزوه وهناك مسلم تاجر مستأمن حل له ان يشتريه منهم فيأكل الطعام من ذلك ويطأ الجارية لأنهم ملكوها بالاحراز فالتحقت بسائر أملاكهم وهذا بخلاف ما لو دخل إليهم تاجر بأمان فسرق منهم جارية وأخرجها لم يحل للمسلم ان يشتريها منه لأنه أحرزها على سبيل الغدر وهو مأمور بردها عليهم فيما بينه وبين ربه وان كأن لا يجبره الامام على ذلك لأنه غدر بأمان نفسه لا بأمان الامام فاما ههنا هذا الملك تام للذي أحرزها بدليل أنه لو أسلم أو صار ذميا كانت سالمة له ولا يفتى بردها فلهذا حل للمشترى منه وطئها وهذا للفقه الذي قلنا إن العصمة الثابتة بالاحراز بدار الاسلام تنعدم عند تمام احراز المشركين إياها وهذا بخلاف ما إذا كانت مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة فإنها لم تصر مملوكة بالاحراز فلا يحل للتاجر ان يشتريها منهم ولا ان يطأها ألا ترى أنهم لو أسلموا أو صاروا ذمة وجب عليهم ردها على المالك القديم فتكون على ملكه كما كانت وان اشتري التاجر مكاتبا أو مدبرا أو حرا أسره أهل الحرب فأخرجه فالحر على حاله والمكاتب والمدبر كذلك لأنهما لا يملكان بشئ من أسباب الملك وإن كان المشترى فداهما بغير أمرهما فلا رجوع له عليهما لأنه تبرع بما فداهما به وإن كان بأمر هما فله ان يرجع عليهما بما فداهما به لأنه أدي ماله نفسه في تخليصهما وتوفير المنفعة عليهما بأمرهما وهذا في الحر غير مشكل وكذلك في المكاتب فان موجب جناية المكاتب على نفسه لأنه بمنزلة الحر في ملك اليد والمكاسب وإن كان المأسور عبدا لمسلم فباعه ملكه من رجل من أهل الحرب فأعتقه فهو حر كما لو باعه من مسلم فأعتقه وقيل على قياس قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينبغي ان يعتق بنفس البيع لا باعتاقه لان من أصله ان عبد الحربي إذا أسلم فباعه مولاه يعتق فهذا أيضا عبد مسلم لحربي فإذا زال ملكه ويده ببيعه يزول إلى العتق وعندهما بالبيع لا يعتق وإنما يعتق بالاعتاق اما عند أبي يوسف فالاعتاق من الحربي صحيح وكذلك عند محمد إذا كان من حكم ملكهم منع المعتق من استرقاق المعتق مع أن العبد ههنا مسلم فلا يكون محلا للاسترقاق بعد الاعتاق فلهذا يعتق باعتاقه وقيل
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست