المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ٥٣
فيملك به الكافر مال المسلم كالبيع والهبة وتأثيره أن نفس الاخذ سبب لملك المال إذا تم بالاحراز وبيننا وبينهم مساواة في أسباب إصابة الدنيا بل حظهم أوفر من حظنا لان الدنيا لهم ولأنه لا مقصود لهم في هذا الاخذ سوى اكتساب المال ونحن لا نقصد بالأخذ اكتساب المال ثم جعل هذا الاخذ سببا للملك في حق المسلم بدون القصد فلأن يكون سببا للملك في حقهم مع وجود القصد أولى وإنما يفارقوننا فيما يكون طريقه طريق الجزاء لان الجزاء بوفاق العمل وذلك في تملك رقاب الأحرار لان الآدمي في الأصل خلق مالكا لا مملوكا فصفة المملوكية فيه تكون بواسطة ابطال صفة المالكية وذلك مشروع في حقهم بطريق الجزاء فإنهم لما أنكروا وحدانية الله تعالى جازاهم الله تعالى على ذلك بأن جعلهم عبيد عبيده ولا يوجد ذلك في حق المسلمين ولا اشكال أن ابطال صفة الحرية يكون بطريق الجزاء والعقوبة ألا تري أن اثبات صفة الحرية في المملوك مشروع بطريق الجزاء والتقرب فابطال صفة الحرية يكون بطريق الجزاء والعقوبة وقد تعذر اثبات هذه الواسطة في رقاب الأحرار المسلمين أو من ثبت له حق العتق منهم حتى أن في حق العبيد لما كان الملك يثبت بدون هذه الواسطة قلنا بأنهم يملكون عبيدنا بالأخذ والمفارقة بيننا وبينهم في الحل والحرمة لا يمنع المساواة في حكم الملك عند تقرر سببه ألا ترى أن استكساب المسلم عبده الكافر سبب مباح للملك واستكساب الكافر عبده المسلم حرام ومع ذلك كان موجبا للملك لتقرر السبب مع أن الفعل الذي هو عدوان غير موجب للملك عندنا لان الفعل إنما يكون عدوانا في مال معصوم والعصمة بالاحراز والاحراز بالدار لا بالدين لان الاحراز بالدين من حيث مراعاة حق الشرع والاثم في مجاوزة ذلك ولا يتحقق ذلك في حق المنكرين فإنما يكون الاحراز في حقهم بالدار التي هي دافعة لشرهم حسا وما بقي المال معصوما بالاحراز بدار الاسلام لا يملك بالاستيلاء عندنا وإنما يملك بعد انعدام هذه العصمة بالاحراز بدار الحرب والاخذ بعد ذلك ليس بعدوان محض والمحل غير معصوم أيضا فلهذا كان الاستيلاء فيه سببا للملك والدليل على أن الاحراز بالدين لا يظهر حكمه في حقهم فصل الضمان فإنهم لا يضمنون ما أتلفوا من نفوس المسلمين وأموالهم وتأثير العصمة في ايجاب الضمان أظهر منه في دفع الملك ثم لما لم يبق للعصمة بالدين اعتبار في حقهم في ايجاب الضمان فكذلك في دفع الملك وتأويل الحديث أنهم لم يحرزوها بدارهم بعد فلم يملكوها ولا ملكت هي فلهذا
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست