المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٢٨
في حقهم بالمحاجة والالزام بالدليل فلا يعتبر تأويلهم الباطل في اسقاط الضمان قبل أن يصيروا أهل منعة فاما بعدما صارت لهم منعة فقد انقطع ولاية الالزام بالدليل حسا فيعتبر تأويلهم وإن كان باطلا في اسقاط الضمان عنهم كتأويل أهل الحرب بعدما أسلموا والأصل فيه حديث الزهري قال وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا متوافرين فاتفقوا؟ على أن كل دم أريق بتأويل القرآن فهو موضوع وكل فرج استحل بتأويل القرآن فهو موضوع وكل مال أتلف بتأويل القرآن فهو موضوع وما كان قائما بعينه في أيديهم فهو مردود على صاحبه لأنهم لم يملكوا ذلك بالأخذ كما أنا لا نملك عليهم مالهم والتسوية بين الفئتين المقاتلتين بتأويل الدين في الاحكام أصل وقد روى عن محمد قال افتيهم إذا تابوا بأن يضمنوا ما أتلفوا من النفوس والأموال ولا ألزمهم ذلك في الحكم وهذا صحيح فإنهم كانوا معتقدين الاسلام وقد ظهر لهم خطأهم في التأويل إلا أن ولاية الالزام كان منقطعا للمنعة فلا يجبر على أداء الضمان في الحكم ولكن يفتي به فيما بينه وبين ربه ولا يفتى أهل العدل بمثله لأنهم محقون في قتالهم وقتلهم ممتثلون للامر وإن كان أهل البغي قد استعانوا بقوم من أهل الذمة على حربهم فقاتلوا معهم لم يكن ذلك منهم نقضا للعهد ألا ترى أن هذا الفعل من أهل البغي ليس ينقض للايمان فكذلك لا يكون من أهل الذمة نقضا للعهد وهذا لان أهل البغي مسلمون فان الله تعالى سمى الطائفتين باسم الايمان بقوله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا وقال علي رضي الله عنه إخواننا بغوا علينا فالذين انضموا إليهم من أهل الذمة لم يخرجوا من أن يكونوا ملتزمين حكم الاسلام في المعاملات وأن يكونوا من أهل دار الاسلام فلهذا لا ينتقض عهدهم بذلك ولكنهم بمنزلة أهل البغي فيما أصابوا في الحرب لأنهم قاتلوا تحت راية البغاة فحكمهم فيما فعلوا كحكم البغاة وينبغي لأهل العدل إذا لقوا أهل البغي أن يدعوهم إلى العدل هكذا روى عن علي رضي الله عنه أنه بعث ابن عباس رضي الله عنهما إلى أهل حرورا حتى ناظرهم ودعاهم إلى التوبة ولان المقصود ربما يحصل من غير قتال؟ بالوعظ والانذار فالأحسن ان يقدم ذلك على القتال لان الكي آخر لدواء وإن لم يفعلوا فلا شئ عليهم لأنهم قد علموا ما يقاتلون عليه فحالهم في ذلك كحال المرتدين وأهل الحرب الذين بلغتهم الدعوة ولهذا يجوز قتالهم بكل ما يجوز القتال به من أهل الحرب كالرمي بالنبل والمنجنيق وارسال الماء والنار عليهم والبيات بالليل
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست