المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٣٣
والقتال الحلال لا يوجب شيئا ولأنه أهدر دمه حين وقف في صف أهل البغي وإذا دخل الباغي عسكر أهل العدل بأمان فقتله رجل من أهل العدل فعليه الدية كما لو قتل المسلم مستأمنا في دارنا وهذا لبقاء شبهة الإباحة في دمه حين كان دخوله بأمان ألا ترى أنه يجب تبليغه مأمنه ليعود حربا فالقصاص يندرئ بالشبهات ووجوب الدية للعصمة والتقوم في دمه للحال (قال) وإذا حمل العادل على الباغي في المحاربة فقال قد تبت وألقى السلاح كف عنه لأنه إنما يقاتله ليتوب وقد حصل المقصود فهو كالحربي إذا أسلم ولأنه يقاتله دفعا لبغيه وقتاله وقد اندفع ذلك حين ألقى السلاح وكذلك لو قال كف عني حتى أنظر في أمري فلعلي أتابعك وألقى السلاح لأنه استأمن لينظر في أمره فعليه أن يجيبه إلى ذلك رجاء أن يحصل المقصود بدون القتال وفي حق أهل الحرب لا يلزمه اعطاء الأمان لان الداعي إلى المحاربة هناك شركه ولا ينعدم ذلك بالقاء السلاح وههنا أهل البغي مسلمون وإنما يقاتلون لدفع قتالهم فإذا ألقي السلاح واستمهله كان عليه أن يمهله ولو قال أنا على دينك ومعه السلاح لم يكف عنه بذلك لأنه صادق فيما قال وقد بينا أن البغاة مسلمون وقد كان العادل مأمورا بقتالهم مع علمه بذلك فلا يتغير ذلك باخباره إياه بذلك وهذا لأنه ما دام حاملا للسلاح فهو قاصد للقتال ان تمكن منه فيقتله دفعا لقتاله وإذا غلب قوم من أهل البغي على مدينة فقاتلهم قوم آخرون من أهل البغي فهزموهم فأرادوا أن يسبوا ذراري أهل المدينة لم يسع أهل المدينة إلا أن يقاتلوا دون الذراري لان ذراري المسلمين لا يسبون فان البغاة ظالمون في سبيهم وعلي كل من يقوى على دفع الظلم عن المظلوم أن يقوم به كما قال صلى الله عليه وسلم لا حتى تأخذوا علي يدي الظالم فتأطروه على الحق أطرا وإذا وادع أهل البغي قوما من أهل الحرب لم يسع لأهل العدل أن يغزوهم لأنهم من المسلمين وأمان المسلم إذا كان في فئة ممتنعة نافذ على جميع المسلمين فان غدر بهم أهل البغي فسبوهم لم يشتر منهم أهل العدل شيئا من تلك السبايا لاتهم؟ كانوا في موادعة وأمان من المسلمين فالذين غدروا بهم لا يملكونهم ولكنهم يؤمرون باعادتهم إلى ما كانوا عليه حتى إذا تاب أهل البغي أمروا بردهم وكذلك أن كان أهل العدل هم الذين وادعوهم وان ظهر أهل البغي علي أهل العدل حتى ألجؤوهم إلى دار الشرك فلا يحل لهم أن يقاتلوا مع المشركين أهل البغي لان حكم أهل الشرك ظاهر عليهم ولا يحل لهم أن يستعينوا بأهل الشرك على أهل البغي من
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست