المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٢٥
الكوفة من قبل أبواب كندة فإذا نفر خمسة يشتمون عليا رضي الله عنه وفيهم رجل عليه برنس يقول أعاهد الله لأقتلنه فتعلقت به وتفرق أصحابه فأتيت به عليا رضي الله عنه فقلت انى سمعت هذا يعاهد الله ليقتلنك قال ادن ويحك من أنت قال أنا سوار المنقري فقال علي رضي الله عنه خل عنه فقلت أخلى عنه وقد عاهد الله ليقتلنك فقال أفأقتله ولم يقتلني قلت وأنه قد شتمك قال فاشتمه إن شئت أو دعه وفى؟ هذا دليل على أن من لم يظهر منه خروج فليس للامام أن يقتله وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى قال ما لم يعزموا على الخروج فالامام لا يتعرض لهم فإذا بلغه عزمهم على الخروج فحينئذ ينبغي له أن يأخذهم فيحبسهم قبل أن يتفاقم الامر لعزمهم على المعصية وتهييج الفتنة وكان هؤلاء لم يكونوا مغلبين الخروج عليه ولم يعزموا على ذلك أولم يصدقه على رضي الله تعالى عنه فيما أخبره به من عزمه على قتله فلهذا أمره بأن يخلى عنه وليس مراده من قوله فاشتمه إن شئت أن ينسبه إلى ما ليس فيه فذلك كذب وبهتان لا رخصة فيه وإنما مراده أن ينسبه إلى ما علمه منه فيقول يا فتان يا شرير لقصده إلى الشر والفتنة وما أشبه ذلك من الكلام وهو معنى قوله تعالى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم (قال) وبلغنا عن علي رضى الله تعالى عنه أنه بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ حكمت الخوارج من ناحية المسجد فقال علي رضي الله عنه كلمة حق أريد بها باطل لن نمنعكم مساجد الله ان تذكروا فيها اسم الله ولن نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم مع أيدينا ولن نقاتلكم حتى تقاتلونا ثم أخذ في خطبته ومعني قوله إذ حكمت الخوارج أي نادوا الحكم لله وكانوا يتكلمون بذلك إذا أخذ علي رضي الله عنه في خطبته ليشوشوا خاطره فإنهم كانوا يقصدون بذلك نسبته إلى الكفر لرضاه بالحكمين وتفويضه الحكم إلى أبي موسى رضي الله عنه ولهذا قال علي رضي الله عنه كلمة حق أريد بها باطل يعني ان ظاهر قول المرء الحكم لله حق ولكنهم يقصدون به الباطل وهو نسبته إلى الكفر ثم فيه دليل على أنهم ما لم يعزموا على الخروج فالامام لا يتعرض لهم بالحبس والقتل فان المتكلمين بذلك ما كانوا عازمين على الخروج عند ذلك فلهذا قال لن نمنعكم مساجد الله ولن نمنعكم الفئ وفيه دليل على أن التعريض بالشتم لا يوجب التعزير فإنه لم يعزرهم وقد عرضوا بنسبته إلى الكفر والشتم بالكفر موجب للتعزير وفيه دليل على أن الخوارج إذا كانوا يقاتلون الكفار تحت راية أهل العدل فإنهم يستحقون من الغنيمة ما يستحقه غيرهم
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست