مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٥٤٣
المسجد بيتا ليسكن فيه انتهى. قال أبو الحسن في الأمهات: لا يعجبني، انتهى. على أن ظاهر كلام ابن عرفة أن كلام المدونة محمول عنده على الكراهة ونصه في أواخر صلاة الجماعة وفيها: المسجد حبس لا يورث إذا كان صاحبه أباحه للناس، وأكره بيتا للسكنى فوقه لا تحته انتهى. نعم حمله ابن ناجي على التحريم كالمصنف وسيأتي كلامه. وتحقيق المسألة أن المسجد لله إذا بناه الشخص له وحيز عنه فلا ينبغي أن يختلف في أنه لا يجوز له البناء فوقه فقد قال القرافي في الفرق الثاني عشر بعد المائتين: اعلم أن حكم الأهوية تابع لحكم الأبنية، فهواء الوقف وقف، وهواء الطلق طلق، وهواء الموات موات، وهواء الملك ملك، وهواء المسجد له حكم المسجد لا يقربه الجنب، ومقتضى هذه القاعدة أن يمنع هواء المسجد والأوقاف إلى عنان السماء لمن أراد غرز خشب حولها وبنى على رؤوس الخشب سقفا عليه بنيان، ولم يخرج عن هذه القاعدة إلا فرع وهو إخراج الرواشن والأجنحة على الحيطان ثم أخذ يبين وجه خروجه إلى آخر الفرق. انتهى باللفظ ونحوه في الذخيرة ومثله في قواعد المقري.
قاعدة: حكم الأهوية حكم ما تحتها فهواء الوقف وقف فلا يباع هواء المسجد لمن أراد غرس الخشب حولها وبناء الهواء سقفا وبنيانا انتهى. وقال اللخمي في كتاب الإجارة في ترجمة إجارة المسجد أو الدار: ومن بنى مسجدا لله أحيز عنه وأحب أن يبني فوقه لم يكن له ذلك انتهى بالمعنى. وأما إن كانت له دار لها علو وسفل، فأراد أن يحبس السفل مسجدا ويبقى العلو على ملكه، فظاهر ما تقدم للواضحة وما تقدم لابن الحاجب وتابعيه وما يأتي للمصنف في إحياء الموات، أن هذا لا يجوز. وصرح اللخمي بجوازه. قال إثر ما تقدم عنه:
وإن قال: أنا أبنيه لله وأبني فوقه مسكنا وعلى هذا أبني جاز، وكذلك لو كانت الدار علوا وسفلا فأراد أن يحبس السفل مسجدا ويبقى العلو على ملكه جاز انتهى. وينبغي أن يوفق بين هذه النقول ويجعل معنى قوله في المدونة في كتاب الصلاة: لا يعجبني أو لا يبني لا يجوز، ويحمل هو وما في الواضحة وما لابن شاس وتابعيه القرافي وابن الحاجب وما يأتي للمصنف على الشق الأول الذي تقدم أنه لا ينبغي أن يختلف فيه، ويحمل ما في الجعل منها وكلام اللخمي الأخير وما للمصنف هنا على الشق الثاني وإن كان لفظ اللخمي الجواز لأنه لا ينافي الكراهة ويساعد هذا التوفيق كلام ابن ناجي. ونصه على قوله في الصلاة الأول من التهذيب: ولا يبنى إلى آخره. قال في الام: لا يعجبني ذلك لأنه يصير مسكنا يجامع فيها، وذلك كالنص على التحريم ولا أعلم فيه خلافا. وذكر أبو عمران النظائر المعلومة التي تدل على الخلاف. هل ظاهر المسجد كباطنه أم لا. وذلك يوهم جواز البناء عليه على قول وليس كذلك، لما ذكره في الام مع أن اللفظ يقتضي أن المسجد سبق فهو تغيير الحبس، بل ظاهرها أن من عنده علو وسفل فحبس العلو مسجدا فإنه جائز. ونص عليه اللخمي في الجعل انتهى.
وقال على قولها في الجعل والإجارة وكره المتقدم، يريد يكون تحبيس المسجد متأخرا عنه. انتهى
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست