مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٣٧٢
الثمرة يريد أولى بها من المشتري بالثمن الذي بذل فيها لأنه يأخذا لثمرة من المشتري بالشفعة يوم تمام الشراء، والكراء من المكتري بالشفعة بعد تمام الكراء. فليس ما قاله مالك في مسألة الثمرة والكراء خلافا لما حكاه سحنون عن مالك وابن القاسم من أنه لا شفعة في الأكرية لأنهما مسألتان، فالمسألة الأولى وهي أن الشريك أولى بالثمرة وبالكراء بما بذل المشتري والمكتري فيها من الثمن والكراء لا خلاف فيها، وكذلك يجب في كل مشترك لا شفعة فيه، ومثله قول مالك في الذي تكون تحته الأمة لقوم فتلد منه فيبيعونها وولدها أنه أحق بها بما يعطى فيها، وقد مضى القول في ذلك في رسم نقدها من سماع عيسى من كتاب النكاح، والمسألة الثانية وهي هل تكون الشفعة في الكراء بعد تمامه وفي الثمرة بعد الشراء أم لا؟ فيها اختلاف، اختلف في ذلك قول مالك وقع اختلاف في قوله في المدونة في الثمرة وفي الكراء في الواضحة، وأخذ بوجوب الشفعة في ذلك ابن الماجشون وابن عبد الحكم وبأن لا شفعة في ذلك ابن القاسم ومطرف وأصبغ وبه أخذ ابن حبيب. وكذلك اختلف قول مالك أيضا في الشفعة في الكتابة والدين يباعان هل يكون للمكاتب والذي عليه الدين الشفعة في ذلك أم لا؟
فقال مرة: لهما الشفعة في ذلك وأخذ به مطرف وابن الماجشون وابن وهب وأشهب وأصبغ وابن عبد الحكم وإليه ذهب ابن حبيب وحكى في ذلك حديثا من مراسيل سعيد بن المسيب أن رسول الله (ص) قال: الشفعة في الكتابة والدين. وحكى عن مالك من رواية ابن القاسم عنه أنه استحسن الشفعة في ذلك ولم ير القضاء بها انتهى. وقال ابن الفاكهاني في شرح عمدة الاحكام: إنه لم يقف على نص في مسألة الأمة ومسألة بيع الدين. وقد تقدمت مسألة الأمة في النكاح عند قول المصنف: وفسخ إن طرأ بلا طلاق والله أعلم. واقتصر في المسائل الملقوطة على القول بالشفعة في الدين والله أعلم.
الخامس: ما عزاه ابن رشد لابن الماجشون وابن عبد الحكم من الاخذ بوجوب الشفعة في الكراء وبأن لا شفعة لابن القاسم ومطرف وأصبغ وابن حبيب عكس ما نقل صاحب النوادر فإنه عزا لابن الماجشون وابن عبد الحكم عدم الاخذ بالشفعة، ولابن القاسم ومن ذكر معه الاخذ بالشفعة ونصه: قال ابن حبيب: اختلف قول مالك في الشفعة في الكراء، فأخذ ابن القاسم وابن عبد الحكم بقوله: أن لا شفعة، وأخذ مطرف وابن القاسم وأصبغ بقوله: أن فيه الشفعة وبه يأخذ وذلك في كراء الدور والمزارع سواء انتهى. وعلى نقل النوادر مشى ابن عبد السلام والمصنف في التوضيح والشارح كما تقدم في كلامهم، وعلى نقل ابن رشد مشى ابن عرفة ونصه: ابن رشد: إنما وقع اختلاف قول مالك في الشفعة في الكراء في الواضحة وبقوله:
بالشفعة فيه. قال ابن الماجشون وابن عبد الحكم وبنفيها فيه. قال ابن القاسم ومطرف وأصبغ وابن حبيب انتهى. ولم يتعرض ابن عرفة لما بين النقلين من المخالفة مع أنه نقل عن النوادر بعض فروع الترجمة التي فيها كلام النوادر المذكور، ولعل لكل من مطرف وأصبغ وابن حبيب قولين
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»
الفهرست