مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٢٨٨
خربة فإنه لا يبرأ بتصديق القابض إذا ادعى التلف إلا أن يقيم بينة على الدفع. هذا الذي يصح عندي على مذاهبهم ولا أعرف فيها نص خلاف إلا أن دخلها الخلاف بالقياس على الأمانة فهي أربعة وجوه: دافع من ذمة إلى ذمة، ومن أمانة إلى أمانة، ومن ذمة إلى أمانة، ومن أمانة إلى ذمة. انتهى مختصرا لكنه بلفظه والله أعلم. وقول ابن رشد إذا دفع من ذمة إلى أمانة لا يبرأ بتصديق القابض إذا ادعى التلف يريد والله أعلم في غير الوكيل المفوض. قال ابن الحاجب: أما لو لم يمت وأكذبه لم يصدق إلا ببينة ولو صدقه المرسل إليه في قبضها منه. ابن عبد السلام: يريد فلو لم يمت الرسول أو دفع الوديعة إلى من أمره يدفعها إليه وضاعت وأنكر ربها فإنه لا يصدق في دفعها إليه حتى يقيم البينة على معاينة الدفع، فإن لم يقمها ضمن، سواء صدقه المرسل إليه في قبضها منه أو لم يصدقه في ذلك انتهى. فقول المصنف المنكر مفهومه أنه لو لم يكن منكرا لا يضمن وكأنه اعتمد ما تقدم عن المدونة وما نسبه ابن رشد لابن القاسم فيها، وترك ما مشى عليه ابن الحاج لقوة الأول، ولا منافاة على هذا بين ما قال هنا وبين ما قاله في باب الوكالة، ولو قال غير المفوض قبضت وتلف برئ ولم يبرأ الغريم إلا ببينة لان ما قاله في الوكالة محمول على القسم الثالث في كلام ابن رشد وهو الدفع من ذمة إلى أمانة الذي صرح بنفي الخلاف فيه بدليل قول المصنف الغريم ولذا قال الشارح هناك: يريد إذا قال الوكيل المخصوص قبضت ثمن ما بعت الخ. فتأمل ذلك والله أعلم.
تنبيه: في إطلاق المصنف على هذه المسألة دعوى الرد مسامحة وإنما فيها دعوى إيصال الأمانة.
تنبيه: ثان: قال في النكت: اعلم أن الرسول إذا شرط عليه أن لا يشهد على من يدفع إليه ينفعه، وإذا شرط عليه أن لا يمين عليه لم ينفعه ذلك لان اليمين إنما ينظر إليها حين وجوب متعلقها فكأنه شرط سقوط أمر لم يجب بعد بخلاف شرطه ترك الاشهاد. وذكره ابن حبيب فيما أراه انتهى. وقد ذكر ابن رشد من هذا في رسم أوصى من سماع عيسى من الرهون مسألة المرتهن يأخذ الرهن على أن يضعه على يدي عدل ويدعي أنه وضعه ويصدقه على ذلك العدل أنه لا ضمان عليه، ويصدق على مذهب المدونة. وقال ابن عرفة: قلت: انظر هذا مع القول بالوفاء بشرط دعوى التصديق في دعوى عدم القضاء انتهى وسيقوله المصنف.
تنبيه: إطلاق المصنف هنا في الضمان مع عدم الاشهاد هو المشهور، ومقابله أنه إذا كان العرف عدم الاشهاد صدق المودع كما تقدم في باب الوكالة، وتقدم فيه أيضا أن تصديق رب المال لا يسقط الضمان مع عدم الاشهاد وكما هو ظاهر قراض المدونة ولفظ ابن الحاجب هنا إلا أن يدفع ذلك بحضرة رب المال فتأمله وراجعه والله أعلم.
فرع: قال في المدونة إثر المسألة الثالثة وهي قوله من بعثت معه بمال ما نصه: وكذلك إن
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست