مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ١٧٠
إشكال في عدم انعزاله بعزله سرا، ويبين هذا قول المصنف في التوضيح قول ابن الحاجب ومهما شرع في الخصومة فلا ينعزل ولو بحضورهما. قال: لما ذكر العزل وأفهم كلامه أن للموكل العزل بين هنا أنه مشروط بأن لا يتعلق بالوكالة حق للغير انتهى، ونحوه في الذخيرة أو أصرح منه. وفي كتاب الرهون من الذخيرة عن الجلاب: إذا وكلت وكيلا في بيع رهن ليس لك عزل الوكيل إلا برضا المرتهن، لان القاعدة أن الوكالة عقد جائز من الجانبين ما لم يتعلق بها حق للغير. وفي المبسوط: لك العزل كسائر الوكالات انتهى. وقال في المنتقى: فإذا أراد الراهن فسخ وكالة الوكيل في بيع الرهن، فحكى الشيخ أبو القاسم والقاضي أبو محمد عن المذهب ليس له عزله إلا بإذن المرتهن. وقال القاضي أبو إسحاق: له ذلك اه‍ ثم قال في التوضيح.
فرع: واختلف إذا وكله على بيع سلعة أو اشترائها أو سمى له شخصا معينا هل له أن يعزله كما لو أطلق أو لا؟ على قولين المازري: وعدها الأشياخ من المشكلات والأصح عندي في ذلك إن عين له المشتري وسمى له الثمن وقال له شاورني إن له عزله، وإن لم يسم له الثمن ولا قال له شاورني فهذا موضع الاشكال والاضطراب. واختلف إذا وكله أن يملك زوجته أمرها. فهل له أن يعزله؟ فرأى اللخمي وعبد الحميد وغيرهما أنه ليس له ذلك قالوا: بخلاف أن يوكله على أن يطلق زوجته فإن فيه قولين، ورأي غيرهم أنه يختلف فيه كالطلاق، واستشكل المازري الطريقة الأولى لأنه لا منفعة للموكل في هذه الوكالة فكان الأولى أن يكون له عزله إلا أن يقال: لما جعل له تمليك زوجته صار كالملتزم لذلك التزاما لا يصح له الرجوع عنه انتهى. وما ذكره المؤلف من أنه إذا وكله على الخصام ليس له عزله بعد مناشبة الخصام ومقاعدة خصمه ثلاثا هو أحد الأقوال الخمسة. قال ابن عرفة بعد أن ذكر كلام شيوخ أهل المذهب: وما في ذلك من الخلاف ففي منع العزل بمجرد انتشاب الخصام أو بمقاعدته ثالثها، ثالثها بعد مقاعدته مقاعدة يثبت فيها الحكم.
ورابعها ما لم يشرف على تمام الحكم، وخامسها على الحكم. لابن رشد مع اللخمي والمتيطي عن المذهب: وله عن أحد قولي أصبغ وثانيهما ومحمد انتهى.
تنبيهات: الأول: ما ذكره من أن ليس له عزله بعد مناشبة الخصام ومقاعدة خصمه ثلاثا إنما هو إذا لم يظهر منه غش أو تدخيل في الخصومة وميل مع المخاصم له، وإن ظهر منه ذلك فله عزله ولو بعد مناشبته للخصام. قال ابن فرحون في تبصرته: للموكل عزل الوكيل ما لم يناشب الخصومة، فإن كان الوكيل قد ناشب خصمه وجالسه عند الحاكم ثلاث مرات فأكثر لم يكن له عزله إلا أن يظهر منه غش أو تدخيل في خصومته وميل مع المخاصم له فله عزله، وكذلك لو وكله بأمر فظهر غشه كان عيبا وله أن يفسخ الوكالة انتهى، ونحوه في شرحه لابن الحاجب. وقال ابن عرفة: قال المتيطي: وإن ظهر من الوكيل تفريط أو ميل مع الخصم أو مرض فلموكله عزله انتهى.
الثاني: مفهوم كلام المصنف أن الوكالة لو كانت في غير الخصام لكان للموكل عزله وللوكيل عزل نفسه وهو كذلك. قال ابن عرفة: ولابن رشد: للموكل عزله وكيله وللوكيل أن
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»
الفهرست