مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ١٦٣
أو بشاهد ويمين على قول مالك وابن القاسم، ولا بد أن يشهد الشهود على معرفة عين الموكل ويثبت عنده أيضا عين الوكيل، إما بالشاهدين الأولين أو بغيرهما وإذا حضر الوكيل والخصم وتقاررا على صحة الوكالة فلا يحكم بينهما بمجرد قولهما لأنه حق لغيرهما يتهمان على التواطؤ، ولو صدق الخصم الوكيل في الدعوى واعترف بالمدعى به لم يجبره الحاكم على دفعه على المشهور حتى يثبت عنده صحة الوكالة انتهى. وإن أراد بقوله كل أحد من المسلمين أن جميع المسلمين وكلاء عنه في ذلك فيمكن هنا الشهادة على عين كل أحد من المسلمين أنه وكيل، لكن الذي يظهر أنه يمنع من جهة أخرى وهو أن توكيل أكثر من واحد على الخصام لا يجوز، ولا شك أن هذه وكالة في دعوى وإنكار وإثبات. وبحث سيدي الشيخ العلامة أحمد بن عبد الغفار في كون ذلك وكالة في خصومة فتأمل. وقال في آخر كتاب الوكالة من النوادر: ومن كتاب ابن المواز قال مالك: ومن شرط في ذكر حقه ومن قام به فله أن يقضيه فلا يجوز هذا ولا يقضي له إلا بوكالة انتهى. وما قاله ابن فرحون من عدم جبره الحاكم على الدفع فيما إذا صدر والخصم الوكيل على الدعوى فاعترف بالمدعى عليه، موافق لما في المعونة وتبصرة اللخمي، ومخالف لما جزم به في الفصل السادس من تبصرته ونصه: مسألة في المطلوب يوافق على صحة الوكالة قبل ثبوتها: وإذا قام رجل على رجل في مهر امرأته أو دين رجل وادعى وكالة صاحب ذلك الحق فأقر المطلوب بالدين أو المهر واعترف بصحة الوكالة فإنه يلزمه دفع ذلك إليه، فإن كان صاحب الحق على المطلوب يطلبه بذلك قضى له به لأنه إنما يقضى عليه أولا بإقراره والمصيبة منه انتهى. وله في الباب السبعين في القضاء بالأمارات وقرائن الأحوال ما يوافق ماله في الفصل السادس وعزاه للمتيطية ونصه: وفي المتيطية حكي عن ابن حبيب عن سحنون فيمن قال لرجل ما قاله لرجل وكلني فلان على قضاء دينه منك وعدده كذا فصدقه في الوكالة وأقر بالدين أنه يلزم الدفع إليه، فإن قدم فلان وأنكر التوكيل غرم المقر لان الحكم كان بإقراره انتهى. وفيه ما يؤخذ منه ما يخالف هذا ويوافق ما تقدم عن الفصل الخامس فتأمله والله أعلم انتهى.
الثاني: قال ابن عرفة: سمع عيسى ابن القاسم: إن ادعى شريكان على رجل حقا فقالا للقاضي من حضر منا خاصمه، فليس لهما ذلك لقول مالك: من قاعد خصمه عند القاضي فليس له أن يوكل إلا من علة. وقال في ورثة ادعوا منزلا في يد رجل لا يخاصمه كل واحد عن نفسه بل يقدمون رجلا يخاصمه. ابن رشد: وهذا كما لا يجوز للرجل يوكل وكيلين يخاصمان عنه إن غاب أحدهما خاصم له الآخر، وكذا لم يجز لمن قاعد خصمه أن يوكل غيره إلا لعذر من مرض أو سفر أو إساءة خصمه له فحلف لا خاصمه أو يظهر من وكيله ميل لخصمه ولا خلاف في هذا انتهى هذا السماع في كتاب البضائع والوكالات والله أعلم.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست