مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ١٤٢
بالصورة التي ذكرها، وقد وافقه الطحاوي على ذلك فقال: لم نجد لهذا الحديث معنى أولى من حمله على الطريق التي يراد ابتداؤها إذا اختلف من يريد ابتداءها في قدرها كبلد يفتحه المسلمون وليس فيها طريق مسلوك، وكموات يقطعه الامام لمن يحييه إذا أراد أن يجعل فيها طريقا للمارة، وقال غيره: مراد الحديث أن أهل الطريق إذا تراضوا على شئ كان ذلك لهم، وإن اختلفوا جعل سبعة أذرع انتهى. ثم ذكر البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قضى النبي (ص) إذا تشاجروا في الطريق سبعة أذرع. قال في فتح الباري: قوله تشاجروا وتفاعلوا من المشاجرة بالمعجمة والجيم أي تنازعوا وللإسماعيلي: إذا اختلف الناس في الطريق.
ولمسلم: إذا اختلفتم. وأخرجه أبو عوانة في صحيحه وأبو داود والترمذي وابن ماجة بلفظ: إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع. وزاد المستملي في روايته الميتاء ولم يتابع عليه وليست محفوظة في حديث أبي هريرة، وإنما ذكرها المؤلف يعني البخاري في الترجمة مشيرا بها إلى ما ورد في بعض طرق الحديث كعادته وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عباس عن النبي (ص) إذا اختلفتم في الطريق الميتاء فاجعلوها سبعة أذرع. وروى عبد الله بن محمد في زيادات المسند والطبري من حديث عبادة بن الصامت: قضى رسول الله (ص) في الطريق الميتاء فذكر في أثناء حديث طويل. ولابن عدي من حديث أنس قضى رسول الله (ص) في الأرض الميتاء التي تؤتى من كل مكان قد كره، وفي كل من الأسانيد الثلاثة مقال. وقوله سبعة أذرع الذي يظهر أن المراد بالذراع قدر ذراع الآدمي فيعتبر ذلك بالمعتدل. وقيل: ذراع البنيان المتعارف انتهى. والمستملي أحد رواة البخاري.
قلت: قال ابن رشد في نوازل سحنون من كتاب الأقضية في أثناء الكلام على مسألة الساباط: وإذا اختلف البانيان والمتقابلان في الفحص فيما يجعل للطريق أو تشاحا فأراد كل واحد منهما أن يقرب جداره من جدار صاحبه، جعلا الطريق سبعة أذرع بالذراع المعروفة بذراع البنيان، فإذا بنى كل واحد منهما فيما بنى ميزابا للمطر على الطريق لم يمنع انتهى.
الحادي عشر: تقدم في كلام بعضهم إثبات التاء في سبعة أذرع وفي كلام بعضهم حذفها لان الذراع يذكر ويؤنث قال في الصحاح: ذراع اليد يذكر ويؤنث.
الثاني عشر: قال في المدونة: إذا كانت دار لرجلين ولأحدهما دار تلاصقها فأراد أن يفتح في المشتركة بابا يدخل منه إلى داره، فللشريك منعه لشركته معه في موضع الفتح، فإن قسما فقال اجعلوا نصيبي إلى جنب داري حتى أفتح فيها بابا لم يقبل منه وقسمت الدار بالقيمة فحيث وقع سهمه أخذه وإن كان في الناحية الأخرى. وإن قسما هذه الدار فاشترى أحد النصيبين رجل يلاصق داره ففتح إلى النصيب من داره بابا وجعل يمر من داره إلى طريق هذا النصيب هو ومن اكترى منه أو سكن معه، فذلك له إن أراد دار اتفاقا ولا يمنع إلا أن
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»
الفهرست