مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ١١٢
(وإن أقام أحدهم رحا إن أبيا فالغلة لهم ويستوفي منها ما أنفق) ش: هذا خلاف ما قدمه ابن الحاجب وما رجحه ابن رشد في نوازل عيسى من كتاب السداد والأنهار. ونص ابن الحاجب: وإذا انهدمت الرحا المشتركة فأقامها أحدهم إذا أبى الباقي، فعن ابن القاسم: الغلة كلها لمقيمها وعليه أجرة نصيبهم خرابا، وعنه أيضا: يكون شريكا في الغلة بما زاد بعمارته، فإذا كانت قيمتها عشرة وبعد العمارة خمسة عشر فله ثلث الغلة بعمارته والباقي بينهم. ثم من أراد أن يدخل معه فليدفع ما ينوبه من قيمة ذلك يوم يدفعه. وقيل: الغلة بينهم ويستوفي منها ما أنفق انتهى. ونص كلام ابن رشد بعد ذكره المسألة وما فيها من الخلاف فيتحصل في هذه المسألة أن فيها ثلاثة أقوال: الأول أن يحاص بالنفقة في الغلة كانت الرحا مهدومة أو انخرق سدها. والثاني أنه لا يحاص بالنفقة في الغلة في الوجهين. والثالث الفرق بينهما وكلها مروية عن ابن القاسم، الأولان في السماع المذكور، والثالث في المبسوطة. فإذا قلت إنه لا يحاص بالنفقة في الغلة ففي حكم الغلة ثلاثة أقوال: أحدها أنها كلها تكون للعامل إلا أن يريد الشريك الدخول معه فيأتيه بما يجب عليه في ذلك ولا كراء عليه في حظ شريكه من الرحا، وهو بمنزلة البئر يغور ماؤها أو ينهدم منها ناحية فيريد أحد الشريكين العمل ويأبى صاحبه، فيقال لمن أبى اعمل معه أو بع، فإن أبى وخلى بينه وبين العمل وحده كان الماء كله للعالم حتى يدفع إليه نصيبه من النفقة، فكذلك الرحا وهو قول ابن القاسم. ووجه قوله في أنه لا كراء عليه في حظ شريكه من الرحا أن الرحا مهدومة لا كراء لها، وإنما صار لها كراء ببنائه فوجب أن لا يكون عليه في حظ شريكه كراء. والثاني أن الغلة تكون للعامل أيضا ويكون عليه كراء حصة شريكه من الرحا، وهو قول عيسى ابن دينار. ووجهه أن الكراء فيها موجود إذا أكريت على أن تبني وقد بناها العامل وانتفع بها، فوجب أن تكون عليه حصة شريكه من الكراء وهو أظهر والله أعلم.
فليس قول عيسى بخلاف لقول ابن القاسم إلا فيما ذكر من أن يكون عليه للذي لم يبن كراء نصيبه من قاعة الرحا، لان ابن القاسم لا يرى عليه في ذلك كراء. والثالث أن الغلة تكون بينهما فيكون للذي لم يعمل منهما بقدر قيمة حظه من الرحا على ما كانت عليه، وللذي عمل بقدر حظه منها أيضا وبقدر عمله إلا أن يريد الشريك الدخول معه فيأتيه بالواجب عليه فيما عمل. انتهى كلامه بلفظه بتقديم وتأخير. ونقل ابن عرفة كلام العتبية وابن
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست