إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٥٩
النقوط في الأفراح لصاحب الفرح في يده أو يد مأذونه، هل يكون هبة أو قرضا؟ أطلق الثاني جمع، وجرى على الأول بعضهم. قال: ولا أثر للعرف فيه - لاضطرابه - ما لم يقل خذه مثلا، وينوي القرض. ويصدق في نية ذلك: هو ووارثه، وعلى هذا. يحمل إطلاق من قال بالثاني. وجمع بعضهم بينهما: بحمل الأول على ما إذا لم يعتد الرجوع، ويختلف باختلاف الاشخاص والمقدار والبلاد. والثاني: على ما إذا اعتيد وحيث علم اختلاف تعين ما ذكر. اه‍. بجيرمي (قوله:
سنة) خبر الاقراض، وسيذكر قريبا أنه قد يجب، وقد يحرم. (قوله: لان فيه إلخ) علة للسنية. (قوله: على كشف كربة) أي إزالة شدة. فالكشف: الإزالة، والكربة: الشدة. اه‍. بجيرمي. (قوله: فهو إلخ) الأولى عدم التفريع، ويكون مستأنفا، كما في النهاية. (قوله: من نفس) أي فرج. (وقوله: على أخيه) أي في الاسلام. فالمراد: أخوة الاسلام.
(قوله: نفس الله عنه كربة) يجوز أن تلك الكربة عشر كرب من كرب الدنيا، لان أمور الآخرة لا يقاس عليها. فلا يقال كان الأولى أن يقال عشر كرب من كرب يوم القيامة، لان الحسنة بعشر أمثالها - أو يقال نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، زيادة على ثواب عمله - فذلك التنفيس: كالمضاعفة. اه‍. ع ش. (قوله: والله إلخ) من تتمة الحديث.
(وقوله: في عون العبد) أي قائم بحفظه، ورعايته، ومعونته. (قوله: وصح خبر إلخ) الأولى: وخبر، عطفا على خبر الأول. (قوله: من أقرض لله مرتين إلخ) يعني إنه إذا أقرض درهما مثلا مرتين، كان له أجر صدقة مرة واحدة. (قوله:
والصدقة أفضل منه) أي القرض، أي لعدم العوض فيها، وللخبر المار. (قوله: خلافا لبعضهم) أي القائل بأن القرض أفضل، مستدلا بما في سنن ابن ماجة: عن أنس رضي الله عنه أن النبي (ص) قال: لقد رأيت مكتوبا على باب الجنة - ليلة أسري بي - الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر. فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟
قال: لان السائل قد يسأل وعنده ما يكفيه، والمستقرض لا يستقرض إلا من حاجة. وبخبر البيهقي: قرض الشئ خير من صدقته.
(فإن قيل) هذان الخبران يعارضان الخبر الذي في الشراح - أعني من أقرض إلخ - فكيف يجزم الشارح بأن الصدقة أفضل؟
(أجيب) بأن الخبر الذي في الشرح أصح منهما، فوجب تقديمه عند التعارض. قال في النهاية: ويمكن رد الخبر الثاني - الدال على أفضليته عليها - للأول - أعني من أقرض لله مرتين كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به الدال على أفضليتها عليه بحمله - أي الثاني - على درجات صغيرة، بحيث أن الثمانية عشرة فيه تقابل بخمسة في الصدقة. كما في خبر صلاة الجماعة أو بحمل الزيادة في القرض، إن صحت على أنه (ص) أعلمها بعد. أو يقال:
القرض فضل الصدقة باعتبار الابتداء، لامتيازه عنها بصونه ماء وجه من لم يعتد السؤال عن بذله لكل أحد - بخلافها، وهي فضلته - باعتبار الغاية، لامتيازها عنه بأنه لا مقابل فيها ولا بد - بخلافه. وعند تقابل الخصوصيتين قد تترجح الأولى، وقد تترجح الثانية، باعتبار الأثر المترتب. اه‍.
(قوله: محل ندبه) أي الاقراض، فهو مرتبط بالمتن. (قوله: إن لم يكن المقترض مضطرا) أي مدة عدم كونه مضطرا، أي محتاجا (قوله: وإلا) أي بأن كان مضطرا. (وقوله: وجب) أي الاقراض، ولو من مال محجوره. كما يجب عليه بيع مال محجوره للمضطر المعسر، نسيئة. اه‍. بجيرمي. (قوله: ويحرم الاقتراض) أي ما لم يعلم المقرض بحاله، وإلا فلا يحرم (وقوله: على غير مضطر إلخ) أي بخلاف المضطر - فيجوز أن يقترض - وإن لم يرج الوفاء - بل يجب، حفظا لروحه. (وقوله: لم يرج الوفاء) الجملة صفة لغير المضاف لمضطر. (وقوله: من جهة ظاهرة) أي سبب ظاهر - أي
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست