إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٦٠
قريب الحصول - كغلة أرضه وعقاره. فإن رجال الوفاء منها لم يحرم. (قوله: فورا إلخ) منصوب بإسقاط الخافض، متعلقا بالوفاء، أي الوفاء بالفور في الدين الحال، وعند حلوله في المؤجل. (قوله: كالاقراض عند إلخ) أي كحرمة الاقراض إلخ، أي فيحرم الاقتراض لغير المضطر المذكور. كما يحرم الاقراض على المالك عند علمه أو ظنه أن آخذه ينفقه في معصية، وذلك لان فيه إعانة عليها، وهي حرام. وقد يكره الاقراض.
(فالحاصل) أن الاقراض تارة يندب، وتارة يجب، وتارة يحرم، وتارة يكره. فتعتريه أحكام أربعة. قال ع ش: ولم يذكروا الإباحة، ويمكن تصويرها بما إذا دفع إلى غني، بسؤال من الدافع مع مدع احتياج الغني إليه، فيكون مباحا - لا مستحبا - لأنه لم يشتمل على تنفيس كربة. وقد يكون في ذلك غرض للدافع، كحفظ ماله بإحرازه في ذمة المقترض. اه‍.
(قوله: ويحصل بإيجاب إلخ).
(اعلم) أن أركان القرض ثلاثة: عاقد، ومعقود عليه، وصيغة. وقد أخذ في بيان صيغته، فقال: ويحصل بإيجاب - أي من المقرض - وهو على قسمين: صريح - وهو ما ذكره - وكناية: كخذ هذا الدرهم بدرهم، فهو يحتمل البيع والقرض، فإن نوى به البيع فبيع، وإن نوى به القرض فقرض. ومثله: خذه فقط - على ما ستعرفه - (قوله: فإن حذف ورد بدله) أي حذف هذا اللفظ. والظاهر أن حذفه من الصورة الأخيرة فقط. ولا يصح كونه من الصورتين، أعني قوله خذه ورده بدله. وقوله: أو اصرفه في حوائجك ورد بدله. وإلا نافى قوله بعد: وخذه فقط لغو. وقوله: فكناية: أي كناية، قرض، إن نوى به القرض ثبت، وإلا فلا. (قوله: وخذه فقط) أي من غير أن يقول ورد بدله. (وقوله: لغو إلا إن سبقه إلخ) عبارة التحفة تقتضي أنه لا يكون لغوا أصلا، بل إن سبقه لفظ أقرضني فهو كناية قرض، وإلا فهو محتمل لان يكون كناية قرض، أو كناية هبة، أو كناية بيع. ونصها - بعد كلام -: أو خذه ورد بدله، أو اصرفه في حوائجك ورد بدله، فإن حذف ورد بدله: فكناية - كخذه فقط، أي إن سبقه أقرضني - وإلا فهو كناية قرض، أو بيع، أو هبة. اه‍. ومثله في البجيرمي، نقلا عن ق ل، ونص عبارته - بعد كلام -: وأما أخذه فقط: فكناية، لأنه يحتمل القرض والصدقة، ونية البدل أو المثل كذكره، ويصدق في إرادتهما إلخ. اه‍. (قوله: ولو اقتصر على ملكتكه) أي ولم يقل على أن ترد مثله. (قوله:
فهبة) أي فهو هبة. (قوله: وإلا فكناية) أي وإلا لم ينو البدل بأن نواه: فكناية، أي كناية قرض، وليس من الصريح.
(قوله: ولو اختلفا إلخ) يعني لو اختلف المالك الدافع والآخذ في نية البدل في قوله ملكتك، فقال الآخذ: لم تنو البدل، فهو هبة. وقال الدافع نويت البدل، فهو قرض. فإنه يصدق الدافع، لأنه أعرف بقصد نفسه. (قوله: أو في البدل إلخ) معطوف على نية البدل، أي أو اختلفا في ذكر البدل - أي التلفظ به - بأن قال الدافع: قلت ملكتكه على أن ترد بدله. وقال الآخذ: قلت ملكتكه فقط، ولم تذكر على أن ترد بدله. فإنه يصدق الآخذ في عدم الذكر، لأنه الأصل، أي ويكون هبة.
(قوله: والصيغة إلخ) علة ثانية لتصديق الآخذ. (وقوله: فيما ادعاه) أي الآخذ، وهو أنه لم يذكر لفظ البدل. (قوله: ولو قال لمضطر إلخ) دفع بهذا ما يرد على تصديق الآخذ في الصورة السابقة، من أنه لم لم يصدق المضطر أيضا في دعواه أنه أطعمه إباحة لا قرضا، وصدق المطعم المالك؟ وحاصل الدفع أن ذلك لأجل حمل الناس على هذه المكرمة. وعبارة
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست