إعانة الطالبين - البكري الدمياطي - ج ٣ - الصفحة ٥٦
من اللفظ في الفسخ، ولا ينفسخ بنفسه، ثم إن فسخ الحاكم أو الصادق منهما: ينفذ ظاهرا وباطنا، وغير الصادق ينفذ ظاهرا فقط. (قوله: وإن لم يسألاه) أي الحاكم، وهو غاية لفسخه. (قوله: قطعا للنزاع) تعليل لكون كل منهما أو الحاكم له الفسخ. (قوله: ولا تجب الفورية هنا) أي في الفسخ بعد التحالف - بخلافها في العيب، فتجب - كما تقدم.
وعبارة المغني: وحق الفسخ بعد التحالف ليس على الفور، فلو لم يفسخا في الحال: كان لهما بعد ذلك - على الأوجه - في المطلب، لبقاء الضرر المحوج للفسخ. اه‍. (قوله: ثم بعد الفسخ) قال ع ش: لو تقارا - بأن قالا: أبقينا العقد على ما كان عليه، أو أقررناه، عاد العقد بعد فسخه لملك المشتري، من غير صيغة بعت واشتريت، وإن وقع ذلك بعد مجلس الفسخ الأول. اه‍. (قوله: يرد المبيع بزيادته المتصلة) أي أو المنفصلة إن حدثت بعد الفسخ. ومثل المبيع: الثمن، فيجب على البائع رده كذلك. ومؤنة الرد على الراد - للقاعدة: أن من كان ضامنا لعين كانت مؤنة ردها عليه. (قوله: فإن تلف إلخ) أفاد به أن محل رد المبيع إن كان باقيا لم يتعلق به حق لازم. (قوله: كأن وقفه أو باعه) مثالان للتلف الشرعي، ولم يمثل للتلف الحسي، ومثاله ما إذا مات. (قوله: رد) أي المشتري. (وقوله: مثله) أي المبيع التالف. (قوله: إن كان مثليا) أي كالحبوب. (قوله: أو قيمته) أي أو رد قيمته، أي وقت التلف - حسا أو شرعا - وهي للفيصولة . وإنما اعتبرت وقته - لا وقت القبض، ولا وقت العقد، لان مورود الفسخ العين ولو بقيت، والقيمة خلف عنها، فتعتبر عند فوات أصلها - ولان الفسخ: يرفع العقد من حينه، لا من أصله -. (وقوله: إن كان متقوما) أي كالخشب والحيوان. (قوله: ويرد) أي المشتري. (قوله: قيمة آبق) أي عبد آبق بعد الفسخ أو قبله، وهي للحيلولة بينه وبين ملكه - لتعذر حصوله - فإن رجع العبد رده واستردها، لأنها ليست للفيصولة. فمورد الفسخ: هو - لا قيمته -. (وقوله: فسخ العقد وهو آبق) أي والحال أنه آبق من عند المشتري، فالواو للحال. وأفادت الجملة الحالية أنه إذا فسخ العقد وهو ليس بآبق لا يلزمه شئ. (قوله:
والظاهر اعتبارها) أي القيمة. (وقوله: بيوم الهرب) أي تنزيلا له منزلة التلف، فلا يعتبر بيوم القبض، ولا بيوم العقد.
(قوله: ولو ادعى أحدهما بيعا إلخ) هذا محترز قوله ولو اختلف متعاقدان في صفة عقد - كما علمت - إذ هذا اختلاف في أصل العقد لا في صفته. (قوله: كأن قال إلخ) تمثيل لصورة ادعاء أحد المتعاقدين بيعا والآخر خلافه. (قوله: فلا تحالف) أي فلا يحلف كل منهما واحدة تجمع نفيا لقول صاحبه وإثباتا لقوله. (قوله: إذ لم يتفقا على عقد واحد) أي بل اختلفا في العقد الواقع بينهما. (قوله: بل حلف كل منهما إلخ) يعلم من هذا الفرق بين التحالف والحلف، وهو أن الأول لا بد فيه من نفي وإثبات، بخلاف الثاني. (قوله: لدعوى الآخر) أي لما ادعى به الآخر. (وقوله: لان الأصل عدمه) علة لكون كل يحلف يمينا نافية - أي وإنما حلف كل نفيا - لا إثباتا - لان الأصل عدم ما ادعاه الآخر، فضمير عدمه يعود على دعوى، وذكره - مع أنها مؤنثة - لاكتسابها التذكير من المضاف إليه، أو باعتبار المذكور. (قوله: ثم يرد إلخ) أي ثم بعد الحلف يرد مدعي البيع - وهو البائع - عل المشتري الألف. (وقوله: لأنه) أي مدعي البيع، وهو علة لكونه يرد الألف.
(قوله: ويسترد) أي البائع. (وقوله: المتصلة والمنفصلة) استشكل رد المنفصلة في صورة الهبة مع اتفاقهما على حدوثها في ملك الراد، بدعواه الهبة وإقرار البائع له بالبيع، فهو كمن وافق على الاقرار له بشئ وخالف في الجهة.
قال في التحفة: وأجاب عنه الزركشي بأن دعوى الهبة وإثباتها: لا يستلزم الملك - لتوقفه على القبض بالاذن، ولم يوجد - وفيه نظر، لتأتي ذلك فيما لو ادعى الهبة والقبض، فالوجه الجواب بأنه ثبت بيمين كل أن لا عقد، فعمل بأصل بقاء الزوائد بملك مالك العين. اه‍.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»
الفهرست