مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٥٣
الوصية لم يصح لأنه من صرائح الهبة ووجد نفاذا في موضوعه فلا يكون كناية في الوصية. (وتنعقد) الوصية (بكناية) بنون مع النية كعبدي هذا لزيد لأنه يحتمل التعيين لها والتعيين للإعارة، أو عينت هذا له كالبيع وأولى لأنها لا تفتقر إلى القبول في الحال، فأشبهت ما يستقل به الانسان من التصرفات، وإنما كان ذلك كناية للتملك بالوصية (والكتابة) بالتاء، (كناية) بنون، فينعقد بها مع النية كما في البيع وأولى، فإذا كتب لزيد كذا ونوى به الوصية له وأعرب بالنية نطقا أو ورثته بعد موته صحت، ولو كتب أوصيت لفلان بكذا وهو ناطق، وأشهد جماعة أن الكتاب خطه وما فيه وصيته ولم يطلعهم على ما فيه لم تنعقد وصيته، كما لو قيل له: أوصيت لفلان بكذا؟ فأشار أن نعم، فإن اعتقل لسانه فوصيته صحيحة بكتابة أو إشارة كالبيع.
فرع: لو قال: كل من ادعى بعد موتي شيئا أدوه له ولا تطالبوه بحجة فادعى اثنان بعد موته بحقين مختلفي القدر ولا حجة كان كالوصية يعتبر من الثلث، فإن ضاق عن الوفاء قسم بينهما على قدر حقهما، قاله الروياني. ولو قال المريض:
ما يدعيه فلان فصدقوه فمات، فهو إقرار بمجهول وتعيينه للورثة. (وإن أوصى لغير معين) بأن أوصى لجهة عامة (كالفقراء) أو لمعين غير محصور كالهاشمية والمطلبية، (لزمت بالموت بلا) اشتراط (قبول) لتعذره، ويجوز الاقتصار على ثلاثة منهم ولا تجب التسوية بينهم.
تنبيه: أشعر كلامه أنه لو أوصى لفقراء بلدة وكانوا محصورين أنه يشترط قبولهم كالمعين، وهو كذلك. (أو) أوصى (لمعين) محصور كزيد (اشترط القبول) كالهبة، فلو قبل بعض الموصى به ففيه احتمالان للغزالي، ونظيره الهبة، وقدمت في بابها أنه يصح كما رجحه بعض اليمانيين، فكذا هنا خلافا لبعض المتأخرين، والفرق بينهما وبين البيع فيما إذا قبل بعضه حيث لم يصح أن البيع فيه المعاوضة فلم يغتفر فيه ما اغتفر فيهما.
تنبيه: دخل في المعين المتعدد المحصور كبني زيد فيتعين قبولهم، ويجب استيعابهم والتسوية بينهم. ولو كانت الوصية لمحجور عليه قبل له وليه، والظاهر أنه أراد بالمعين الآدمي، أما لو كانت لمعين غير آدمي كمسجد فهل نقول ناظر الوقف كالولي أن يكون كالوصية لجهة عامة؟ قال الأذرعي: لم يحضرني فيه نص والثاني أقرب. وكذا لو أوصى للخيل المسبلة بالثغور ونحو ذلك. وقال ابن الرفعة: لا بد من قبول قيم المسجد فيما نظنه اه‍. وهذا كما قال شيخي أوجه. وظاهر كلامهم أن المراد القبول اللفظي، وهو كذلك، وإن بحث الزركشي الاكتفاء بالفعل وهو الاخذ كالهدية، قال: وفحل اشتراط القبول من المعين في غير العتق، فلو قال: أعتقوا عبدي بعد موتي لم يفتقر إلى قبول العبد لأن فيه حقا لله تعالى فكان كالجهة العامة، ومثله التدبير. وإذا قلنا إنه وصية: أي على رأي، فإنه يتنجز بالموت من غير توقف على قبول كما قاله الرافعي في الكلام على رهن المدبر. نعم، لو قال: أوصيت له برقبته ففي افتقار القبول وجهان، أصحهما نعم لاقتضاء الصيغة القبول، ذكره الرافعي قبيل المسائل الحسابية. (ولا يصح قبول ولا رد في حياة الموصي) إذ لا حق له قبل الموت فأشبه إسقاط الشفعة قبل البيع، فلمن قبل في الحياة الرد بعد الموت وبالعكس. ويصح الرد بين الموت والقبول لا بعدهما وبعد القبض، وأما بعد القبول وقبل القبض فالأوجه عدم الصحة كما صححه في الروضة كأصلها، وقال الأسنوي: إنه المفتى به، وجرى عليه ابن المقري في روضه، وإن صحح المصنف في تصحيحه الصحة وقال الأذرعي: إنه الصحيح المنصوص عليه في الأم، وجرى عليه العراقيون، وعلله بأن ملكه قبل القبض لم يتم، قال: ولعل الرافعي تبع البغوي في الترجيح. (ولا يشترط بعد موته) أي الموصي (الفور) في القبول، لأن الفور إنما يشترط في العقود الناجزة التي يعتبر فيها ارتباط الايجاب بالقبول، إذ لو اعتبر لاعتبر عقب الايجاب وللوارث مطالبة الموصى له بالقبول أو الرد، فإن امتنع حكم عليه بالرد. هذا إذا كان الموصى له مطلق التصرف، فإن كان محجورا عليه وامتنع الولي من القبول وكان الحظ له فيه، فالمتجه أن الحاكم
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460